Navigation – Plan du site

AccueilNuméros16في البيوضيافة: الفنادق بما هي ثكن...

في البيوضيافة: الفنادق بما هي ثكنات أو النّادل ذو الأجساد الثّلاثة

الحبيب السّعيدي
Traduction de ترجمة رياض الميلادي
Cet article est une traduction de :
On Biohospitality: Hotels as Barracks or the Waiter’s Three Bodies [en]
Autre(s) traduction(s) de cet article :
Sur la biohospitalité : les hôtels comme casernes ou les trois corps du serveur [fr]
Sobre Bio-hospitalidade: os Hotéis como Quartéis ou os Três Corpos dos Garçons [pt]

Résumé

يحلّل هذا المقال تحدّيات التصدعات الجهوية والجسدية المضاعفة (الجماعيّة والفرديّة) وآثارها على تونس وعلى التّونسيّين من خلال دراسة ظاهرة النّزوح السّياحيّ الّتي واكبت تركيز المنتجعات السّياحيّة بالبلاد التّونسيّة في بداية فترة الاستقلال. يقف هذا البحث عند التّجارب المهنيّة التي عاشها الشبّان التّونسيّون الّذين نزحوا من الجهات الدّاخليّة للعمل في الفنادق والمطاعم السياحية المستحدثة خلال الفترة الممتدة من بداية الستّينات إلى أواخر التّسعينات. تساعد الدّراسة على معاينة حجم التّفاوت الجهوي المتجذّر في هذه الظّاهرة ونتائجه على الشبّان، سيما فيما يتّصل برؤيتهم لذواتهم ولبلادهم. من هنا يأتي التركيز على كيفيّة تمثل هؤلاء الشبّان لأجسادهم وللعالم من حولهم بالنظر إلى مقتضيات العمل وبالنّظر إلى الظّروف التي تعيّن على تلك الأجساد أن تعمل فيها.

Haut de page

Texte intégral

المقدّمة:

"يا أيّها الجسد، لتجعل منّي إنسانًا يطرح الأسئلة على الدّوام"
فرانز فانون (Franz Fanon)

1ان ازدهار السياحة الدولية وانتشارها في الفترة التاريخية التي عرفت حصول الكثير من دول الجنوب على استقلالها خلال الخمسينات والستّينات من القرن الماضي، يجعل منها مجالا ملائما لدراسة السياقات التّاريخيّة المضطربة التي تميّزت بها تلك البلدان المتحرّرة حديثا من نير الاستعمار. فدراسة السياحة في هذا الإطار، تساعد على تحليل التصدّعات الاجتماعيّة والجهوية والجسديّة الناتجة عن الانتصاب المكثف والسريع للوحدات الفندقية وغيرها من المرافق السياحية في فضاءات ما بعد استعمارية موسومة بالهشاشة وبعدم الاستقرار. هذه التّصدّعات وان كانت في جانب منها ناتجة عن وضعيّات اقتصاديّة وسياسيّة ذات أسباب داخلية ومحلية، فإنّها تمثّل أيضا صدًى لسياق دوليّ أوسع هو تحديدا سياق جيو-سياسي متصدع بدوره وقائم على الضدية واللامساواة. من هنا يجدر التذكير بأنّ سياق ما بعد الحرب العالميّة الثانية الّذي شهد نموّ السّياحة العالميّة إنّما كان يتميّز بعلاقات دوليّة سلطويّة قائمة على الهيمنة والتوسع وهو ما أثار المزيد من التوتّر ومن مضاعفة الانقسامات طيلة فترة الحرب الباردة. وقد تجلى ذلك من خلال حالات ثلاث وسمت تلك الفترة: حالة الفجوة الاقتصادية والسياسية العميقة بين الشّمال والجنوب، حالة الصراع الدائم بين الكتلتين الشّرقيّة والغربيّة وحالة المصاعب والتحديات في شتى المجالات لدى الكثير من الدول الفقيرة في مقابل حياة الرفاه الناتجة عن الطفرة الاقتصادية التي عرفتها أوروبا والغرب عموما زمنذاك. كل ذلك جعل النشاط السّياحيّ العالمي يأخذ شكلا جديد من الغزو خاصة إذا نظرنا الى الاعداد الكبيرة من جحافل السياح والى الكم الهائل من الاستثمارات السّياحيّة المتدفقة من الشّمال "البارد" والغنيّ الى الجنوب "الدافئ" والفقير. إنّه "الصعود نحو الشّمس" على حدّ عبارة بيار ايسنار وكريستين بلاص (Pierre Aisner and Christine Plüss 1983). ولقد شهد هذا "الصعود" ذروته خلال سنوات إعادة اكتشاف العالم الثالث وإعادة صياغة مفهوم العلاقات السّياسيّة والاقتصاديّة بين الضفتين الشماليّة والجنوبيّة للبحر الأبيض المتوسّط.. فأوروبا خلال ما يسمى ب"السّنوات الثلاثين المجيدة" كانت تبحث عن "مستعمرات جديدة" ليس للاستيطان بالضرورة و انما لتمكين سياحها من ملاذات صيفية قريبة و ذات أسعار زهيدة بما يمكن من تخفيف الضغط عن المنتجعات السياحية المكتظة في كل من فرنسا واسبانيا وإيطاليا. أدى ذلك الى بروز نظام جديد لتقسيم العمل، بل والترفيه أيضا، بين دول الشمال والجنوب (تورنر Turner 1976). هذا التقسيم المضاعف وغير المتكافئ عاد بالنّفع الكبير على الدّول الغربيّة أكثر منه على الدّول الفقيرة. حيث وجدت تلك الدّول وسيلة أخرى مكنتها من إعادة اكتساح دول الجنوب عبر تصدير السيّاح ومعها رؤوس الاموال الضّروريّة لبناء المرافق السياحية وتملكها جزئيا او كليا في اغلب الأحيان. وهو ما ساعد على ظهور ما يمكن أن نسمّيه عصرا جديدا من "الاستعمار السّياحيّ" زاد في سطوة وهيمنة دول المراكز الاستعمارية القديمة على حساب دول الأطراف والهوامش أي المستعمرات السابقة. ويلاحظ دين مك كانال (Dean Mac Cannell) في هذا الصدد بأن السّياحة كانت وراء إرسال رؤوس الأموال و"الشعوب المتحضّرة" إلى أبعد أصقاع العالم، أبعد حتّى من أيّ مكان آخر بلغته أعتى الجيوش (1992، ص 1). هكذا وجدتّ بلدان الجنوب المستقلّة حديثا نفسها ممزّقة بين رغبة التحرّر النّهائيّ من كلّ أنواع الهيمنة الاستعماريّة وبين الحاجة الملحّة لرفع التحدّيات المتواصلة من أجل بناء دول "جديدة" إثر الاستعمار. من هنا تم النظر الى السّياحة باعتبارها وسيلة لحل المعضلات الاقتصاديّة بما توفّره من عملة صعبة وما تخلقه من فرص عمل جديدة فضلا عن تشييد بنى تحتيّة حديثة على غاية من الأهميّة. وقد دعّمت المؤسّسات الدّوليّة مثل البنك الدّولي واليونسكو هذا التوجّه من خلال ترويجها للسياحة ك"جواز سفر للتنمية" (دي كات De Kadt 1979) وهو عنوان كتاب نُشر باسم المنظّمتين.

  • 0

2كانت تونس أوائل عهد الاستقلا إحدى تلك الدول التي آمنت بالسّياحة واعتبرتها ترياقا اقتصاديا بل وقارب نجاة. فضلا على ذلك فان رئيسها الاول، أي الحبيب بورقيبة، اعتبر السياحة بمثابة الطّريق المختصرة لإعادة بناء الروابط الجيو-سياسيّة والجيو-تاريخية مع أوروبا بما يساعد على رفع تونس إلى مصاف البلدان المتقدّمة مثلما كان يردد دائما في وسائل الإعلام. في هذا الإطار، كانت المنتجعات السياحيّة الساحليّة حديثة البناء في تونس تقدم من قبل دولة الاستقلال في شكل إنجازات تاريخية واستراتيجية تشهد على دخول البلاد إلى عصر التقدّم والتّحديث، شأنها في ذلك شأن تحرير المرأة ومنع تعدّد الزّوجات. وتجدر الإشارة في هذا السّياق إلى أنّ السّياحة في تونس رغم أنّها مثلت بالفعل عاملا رئيسيّا أسهم في التّغيير في زمن ما بعد الاستعمار، فإنّها لم تكن الوحيدة في تحقيق ذلك. ففي اطار ما عرف آنذاك بسياسة الانفتاح تجاه أوروبا، استقطبت البلاد استثمارات صّناعيّة أخرى تمّ تركيزها في مناطق غير بعيدة عن المناطق السّياحيّة0.

3ومهما يكن من أمر، فإنّ الدّعاية السّياسيّة بالتّضافر مع التّرويج للسّياحة وطنيّا ودوليّا، غالبا ما كانت تصوّر البلاد على أنّها جنّة تحرّرت دفعة واحدة من نير الاستعمار ومن إرث الشرق. هذه الجنّة الحديثة والمثاليّة لم تجذب اليها السّيّاح فحسب، بل جذبت أيضا الشّباب التونسيّ آنذاك من ناحية حاجته الملحة للعمل والخروج من حال الخصاصة والبطالة. بعبارة أخرى، بعثت السياحة امالا كبيرة لدى أعداد كبيرة من الشبان التونسيين. بعثت فيهم الامال بتحسين أحوالهم المعيشية والدخول الى جنة الحداثة. لكن وكما سنبين ذلك لاحقا في ثنايا هذا المقال، فانها استقطبتهم في الحقيقة لحاجتها إليهم كيد عاملة زهيدة وضرورية للقيام ببعض الأعمال الهامشية والشاقة وفي مقدمتها مهنة النادل. لذلك، سأقف في هذه الدراسة عند خيبة أمل هذه الفئة من العمّال الشّباب سيما أولئك الّذين نزحوا من المناطق الدّاخليّة نحو الضّفاف السّاحليّة على أمل الوصول إلى هذه الجنّة التي اكتشفوا في النهاية بأنها الجحيم بعينه. سأدرس خيبة الأمل هذه، بالاعتماد على مصطلح جديد أسميه " البيوضيافة"، ذلك أنّه يسمح لي بتحليل جانب من ترويض الجسد «dressage» الّذي خضع له هؤلاء العملة أثناء فترة تدريبهم على مهنة النّادل. فالجسد مثلما يعرّفه فوكو (Foucault) هو خزان لتجارب الهيمنة والخضوع وهو مرآة عاكسة للانكسارات الفرديّة والجماعيّة. ولكن قبل أالوصول الى مرحلة التحليل يجدر التذكير ببعض عناصر السياق التاريخي لإرساء النشاط السياحي في تونس.

4لقد وجدت البلاد نفسها بمجرّد استقلالها سنة 1956 مدفوعة إلى خوض ملحمة سياحيّة غيّرتها كلّيا ويا للمفارقة نحو الأفضل ونحو الأسوأ. نحو الأفضل، لأن السياحة ساهمت في إنعاش الاقتصاد، وكان لها فضل على مساعدة البلاد للحد من آثار الاستعمار السياسي والاقتصادي والاجتماعيّ والثقافي. أمَّا عن دور السياحة في دفع البلاد نحو الأسوأ، فقد تجلى ذلك خصوصا من خلال تزايد مظاهر التفاوت الجهوي بين المناطق الساحلية والمناطق الداخلية. ذلك أنّ تركيز سلاسل من الفنادق على طول الشّريط الساحليّ قد أدى على مرّ السّنين الى احداث ما يشبه القطيعة أو الشرخ الذي قسّم البلاد إلى مجالين متباينين بل ومتضادين. يتكوّن الأوّل أساسا من الجهات السّاحليّة التي احتضنت المنتجعات السياحية والتي تبوأت في المخيال الجماعي مكانة الواجهة الحداثية المتطورة والجميلة للبلاد. أمّا الثاني فهو الذي كان بعيدا بل ومقصيا عن تلك الواجهة وهو المجال الجغرافي الّذي ظل فقيرا ومنكفئا على نفسه ويعرف بما يسمى ب «مناطق الظلّ" (السّعيدي 2017، 2014). إنّ هذا الشرخ الصارخ الذي أصاب المخيّلة الجماعيّة للتونسيّين منذ ذلك الوقت وحتى السّاعة خلق في البلاد اِنفصاما، دعنا نقول، في الشخصيّة الجماعية لللتّونسيّين وأحدث أزمة هويّة تتجلى ملامحها خاصة لدى سكان المناطق النائية. فهم، وتحت تأثير ذلك الشرخ، يرون أنفسهم مفكّكين سواء على المستوى الجماعي أو الفردي. ويزداد الوضع سوءًا بالنسبة إليهم بسبب الفقر والبطالة المنتشرين في جهاتهم، وهو ما يدفعهم إلى النّزوح نحو المناطق السّياحيّة على أمل تحسين وضعهم.

I- أدبيّات البحث ومنهجه وسياقه

5عرف موضوع القوى العاملة في قطاع الضّيافة السياحية مزيدا من الاهتمام في الآونة الأخيرة، سيما في ما يتّصل بعدد من الاشكاليات الخاصّة بالعمل في هذا القطاع، نذكر منها مثلا هذه التيمات: المهارات والأدوار التي يضطلع بها موظّفو الفنادق (صولنات وآخرون Solnet et al. 2015)) مستوى و درجات رضى المسؤولين عن عملهم (لام وآخرون Lam. Et al. 2001)؛ (زوبياتس 2015 Zopiatis)، ظروف العمل بالفنادق (أوكيموس وآخرون Okumus et al. 2018)؛ (السيّد El-Said 2013)؛ (ماليان غونزالس وبولشان – قيدومال (Melian-Gonzalez and Bulchand-Gidumal 2017، )ولى وأوك Lee and Ok 2015)؛ العلاقات مع حرفاء الفنادق (توزن وكلاماشيTuzun and (Kalemci 2018، كاراتاباي وآخرون Karatepe et al 2009). أما موضوع الجسد فقد تم تناوله أساسا من زاوية "الهيئة" أو المظهر الذي يجب أن يميز عمال الفتاذق في نظر أرباب العمل (هوبف Hopf2018؛ كنازافيتش وآخرون Knezevic et al. 2015؛ أبو بكار وآخرون Abubakar et al 2019).

6دراستي في هذ العمل تتقاطع مع تلك البحوث، لكنها تنحو أكثر نحو تحليل جسد عامل الضيافة بل وتفكيكه على المستويين الفردي والجماعي وفي سياق ما بعد كولونيالي موسوم بانقسامات وتوترات شتى سياسيّة واجتماعية وحتى اِبستمولوجية (Mignolo 2015 ; Mencé-Castor et Bertin-Elisabeth 2018 ; Hollinshead 2008, 1998)

7ونستند هنا إلى ميشال فوكو (1997) في اقتراح المصطلح الجديد "البيوضيافة" بما هو مفهوم نسعى من خلاله إلى دراسة "محكومية" الجسد الناتجة عن المواجهة بين "تقنيات الهيمنة التي تمارسها المؤسّسات الفندقيّة" و"تقنيات الذّات" (فوكو Foucault 1994) المعتمدة لدى موظّفي الفنادق. هذا التمشي سيساعد على "تشريح الضيافة" كعلاقة وكنظام خدمي ومؤسساتي يدار عبر أساليب الهيمنة على العمال من خلال تطويع أجسادهم بغية تحويلها الى أجهزة وآلات لإنتاج الضّيافة.

8يعتمد هذا المقال على منهجيّة كيفيّة وذلك من خلال مقابلات أجريت مع حوالي 20 من مِهَنييّ السّياحة وعلى وجه التّحديد، من نوادل الفنادق. غير أنّي سأركز هنا على عدد قليل منهم، أولئك الّذين كانت سردياتهم أكثر شرحا واكتمالا بالشكل الذي يجعلها تتقاطع اجمالا مع سرديات الآخرين. جميع من سأدرس سيرهم هنا هم من أصيلي المناطق الداخليّة النائية مثل جندوبة والكاف والقصرين وسيدي بوزيد والقيروان وقفصة. جلهم نزحوا باتّجاه السّاحل بحثا عن عمل موسميّ صغير في المجال السّياحي. جميعهم أيضا من الذكور ممن تتراوح أعمارهم بين 10 و20 سنة عندما كانوا في بداية مسيراتهم المهنية. ويعود غياب العنصر النسائي من هذا الصنف من الأعمال الى أسباب ثقافية واِجتماعيّة ودّينيّة أساسا حيث إنّه كان من غير المقبول آنذاك أن تعمل النساء كنادلات في الحانات أو المطاعم التي تقدّم المشروبات الكحوليّة. يذكر أنّه في العالم العربي الإسلامي، كل المقاهي كانت حكرا على الرّجال حتى تلك التي لا تقدم الكحول. يذكر أيضا أن النّساء لم تبدأن بالتردّد على المقاهي في بعض الأماكن الراقية من المدن العربية الكبيرة إلاّ في تسعينات القرن الماضي، كما انهن لم تبدأن العمل كنادلات الا في التسعينات والسنوات الالفين. للعودة الى العمال الذين يمثلون موضوع هذا البحث، يلاحظ بأن أقدم القدماء منهم كانوا قد بدأوا العمل في سنّ 10 أو 12 أو 14 سنة، منقطعين بذلك مبكرا عن الدراسة. وبدأ جميعهم تقريبا الاشتغال بمهن صغيرة مثل حمل الامتعة أو عبر المشاركة في ورش بناء الفنادق ليصبحوا بعد ذلك أي فور افتتاحها من أوائل النوادل فيها.

9اتخذت المحادثات التي أجريت معهم شكلا استفهاميا (كوفمان Kaufman 1996) واستندت إلى سردياتهم الخاصة حول مسيرتهم المهنيّة (بارتو Berteaux 2003؛ ديلوري Monberger 2009) مع التركيز على التّجارب الأكثر تأثيرا في حياتهم. التقيت بهم في سياق الحراك الاجتماعي والسياسي لما بعد الثورة التونسية أي بين سنتي 2011 و2014 وهو ما شجعهم على الحديث بأريحية كبيرة وبحماس ملحوظ مستفيدين بذلك من مناخ الحرية العام الذي شاع في البلاد والذي كان يعج بالكلام والنقاش في شتى المواضيع. يذكر أن خلاص التونسيين فجأة من الديكتاتورية وتذوقهم طعم التعبير بحرّيّة، قد جعلهم ينخرطون في نقاشات صاخبة جمعت كلّ الأطياف تقريبا وكادت أن تغرق الرّأي العام في ضرب من الهذيان الجماعيّ. حيث طالت تلك النقاشات قضايا ومسائل متنوعة مثل السّياحة والحرّيات الفرديّة والدّيمقراطيّة والعدالة الانتقاليّة والدّين والحجاب والنّقاب والقنّاصين والفساد في عائلة الطرابلسيّة وغيرها.

10احتلّت السّياحة مكانة مهمّة صلب هذا النقاش العامّ خاصة وان الحديث عنها لم يكن مقتصرا على مسألة الأزمة التي عصفت بالقطاع السياحي نتيجة حالة عدم الاستقرار السّياسيّ التي ميزت البلاد في تلك الفترة، وإنّما تجاوز ذلك الى مسائل أخرى حساسة لم يكن مسموحا الخوض فيها علانية أيّام الدّكتاتوريّة. يذكر أنّه خلال فترة النّظام السّابق كان يُمنع الحديث علنا عن بعض المواضيع المعيّنة وكأنها من المحرمات أو من أسرار الدولة. نذكر كمثال على ذلك مسألة الايرادات الّتي توفّرها السياحة أو قضايا الفساد المتعلقة بالفئة المتنفذة والثرية المسيطرة على القطاع السياحي. مع هبوب رياح الثورة، أصبح الحديث في مثل هذه المسائل بمثابة التعبير ضمنا وعلنا عن الانعتاق من الاستبداد وعن الانتصار نهائيا عن أعين الرقابة التي كانت جاثمة على أنفاس الجميع. فضلا على ذلك فالحديث في موضوع السياحة يحيل على الخلل في توزيع الثروة الوطنية زمن الدكتاتورية وعن الأمل بإعادة توزيعها بشكل متوازن في المستقبل. على هذا الأساس يمكن القول بأن الخوض بذلك الشكل في موضوع السياحة قد بوأ هذه الأخيرة مكانة القضية الوطنية التي تستقطب اهتمام الجميع. بعبارة أخرى، هي تجسيد لمشروع وطني جامع ومحفز على التفكير في مستقبل البلاد وفي صورتها لدى أهلها ولدى الآخرين.

11ويلاحظ أيضا بأن المقارنة بين حقبتي ما قبل الثورة وما بعدها تكررت كثيرا في شهادات من تحدثت معهم من عمال الفنادق. كانوا في أغلبهم يحنون الى العصر الذهبي للسياحة التونسية، خاصة سنوات الستين والسبعين أي فترة بداياتهم في الميدان، لكنهم في نفس الوقت يقدرون قيمة الحرية التي أتت بها الثورة. لذلك فان خطابهم ظل مترددا بين أحاسيس متناقضة في علاقة بالحقبتين وهي أحاسيس تراوحت بين التوتّر والخيبة والشكّ والأمل والنّشوة والوطنيّة والحبّ والكراهية والسّخط ضدّ النظامين السياسيين السابق والحالي.

II- من المدرسة الثانوية إلى الفندق: رحلة " المعذبين بين الأرض و البحر"

12عرفت البلاد في الفترة التي تلت الاستقلال انشاء أربعة منتجعات سياحية مازالت الى حد الان تستقطب أكبر عدد من السياح وتشغل النسبة الأكبر من اليد العاملة في القطاع السياحي. وهي في الأساس مركّبات فندقيّة أنشئت في جزء كبير منها في وقت قياسيّ وتمّ تشييدها في أربع جهات ساحليّة على مسافات متقاربة من الشمال إلى الجنوب وهي على التوالي: جهة تونس العاصمة وضواحيها وتحديدا المرسى وحلق الوادي، جهة الوطن القبلي خاصة نابل والحمامات، وجهة الساحل حيث نجد مدينتي المنستير وسوسة وقد أضيفت إليهما في فترة لاحقة مدينة المهدية، وأخيرا جهة الجنوب الشرقي التي تكاد تقتصر على جزيرة جربة ومنطقة جرجيس. أما عن جهة طبرقة في الشمال الغربي فقد تم تهيئتها سياحيا بداية من ثمانينات القرن الماضي في شكل محطة شاطئية جديدة ما زالت الى الان لم تفرض نفسها بعد رغم وجود مطار دوليّ بها.

13تم بناء الفنادق في جميع هذه الجهات بنسق سريع ومكثف الى الحد الذي جعل سكانها لا يتعرفون عليها في بعض الأحيان من فرط التغييرات التي طرات عليها في وقت قياسي. لنأخذ منطقة السّاحل على سبيل المثال ومدينة المنستير منها تحديدا التي هي مسقط رأس الرئيس بورقيبة، فخلال الفترة الممتدة من سنة 1962 إلى سنة 1976، شهدت هذه الجهة بناء أكبر عدد من الفنادق يتجاوز ضعف العدد الجملي للفنادق بكافة تراب الجمهورية. أجمالا: "إذا كان عدد الفنادق في البلاد قد تضاعف أربع مرّات، فإنّه قد تطوّر في السّاحل بنسبة تفوق 700./. " (ستهم وكسّاب 1981Sethom et Kassab، ص 316-317). وينطبق الأمر ذاته على جزيرة جربة التي لم يكن بها قبل سنة 1960 سوى فندقان صغيران. غير أنه في سنة 1961 تمّ بناء سلسلة من الفنادق على امتداد الشريط الساحليّ على طول نحو 10 كيلومترات، تمددت بعد ذلك لتصل الى حوالي 150 كلم في أقل من 10 سنوات (مزابي Mzabi 1978، ص 33). بناء الفنادق تبعته بطبيعة الحال تهيئة البنى التحتية التي رافقتها والتي جعلت من الجهات الساحلية التي احتضنت تلك الفنادق تعرف تطورا عمرانيا سريعا وتحظى بخدمات حديثة مثل الطّرقات المعبّدة والشبكات الكهربائية وشبكات إمداد خطوط المياه الصّالحة للشّراب، أي جميع خدمات البنية التحتيّة التي كانت تفتقر لها أغلب المدن التونسيّة وخاصة منها الداخلية في تلك الفترة.

14اندرج نزوح شباب المناطق الداخلية نحو المناطق السّياحيّة ضمن سياق هذه الطفرة الفندقية التي عرفتها تونس. وقد انتظم في شكل هجرة تتطلق مما يمكن أن نسميه "تونس البرّ أو الأرض" إلى "تونس البحر". خصت هذه الهجرة في الغالب صبية يافعين، غادر العديد منهم مقاعد الدّراسة ليذهبوا بحثا عن عمل موسميّ بسيط في إحدى هذه المناطق. يشير مزابي عند دراسته لهذه الظاهرة أنّه في سنة 1966 "كانت أعمار نصف عدد عملة الفنادق في جربة تتراوح بين 15 و24 سنة" (1978، ص 50). ويلاحظ الكاتب أنّ أغلبهم قدم من مناطق ريفيّة نائية ولم يتجاوز تعليمهم السنة الأولى أو الثانية من التعليم الثانوي في أحسن الأحوال سيما بالنسبة إلى أكبرهم سنّا. وهكذا "تكون المدرسة الثانوية في العديد من الحالات هي المتضررة الأولى من ظهور الفنادق" (مزابي 1978، ص 52).

15وقد أسر لي جل من التقيت بهم من عمال الفنادق بأن هجرتهم الى احدى المدن السياحية ما كانت لتتم لولا وجود أقارب لهم في تلك المدن، وهذا يعني بان النزوح السياحي وان كان في أوجه في تلك الفترة، فانه لم يكن في متناول الجميع. بعبارة أخرى، ان السند العائلي وفق التقاليد الثقافية المتعارف عليها في المجتمع التونسي، قد لعب دورا كبيرا في مساعدة هؤلاء الشبان لاجتياز "الحدود" وإيجاد موقع قدم لهم وان كان هامشيا في " تونس الجديدة" هذه التي كانت تدير لهم ظهرها في أغلب الأحيان. جسر العبور من "تونس البر" الى "تونس البحر" هو اذن أخ، أخت، عم، عمة، خال أو خالة ممن نزحوا إلى تونس، سوسة، جربة أو الحمامات في وقت سابق، وممن قبلوا بإيواء أحد أقاربهم لديهم الى حين نجاحه في الظفر بفرصة عمل في القطاع السياحي. فترة الايواء أو الإقامة المؤقتة كانت عادة ما تتم في الصيف بالشكل الذي يمنح الوقت الكافي للشاب المستضاف لدى أحد أقاربه لاستغلال العطلة المدرسية بغية استكشاف إمكانيات التّدريب أو العمل في المجال. لكن السند العائلي وان كان مهما وضروريا، فانه لم يكن كافيا لاقتناص فرصة العمل. فالشاب القادم لتوه من ريف أو قرية نائية من مناطق الظل الفقيرة، كانت تنقصه عادة الخبرة في البحث عن عمل وفي معرفة قوانين المدينة. وهكذا فانه كان كثيرا ما يجد نفسه تائها بين مكتب التشغيل وتدخلات الوسطاء، أو الاكتاف كما يقال بالعامية التونسية، ممن يقبلون مساعدته بشكل مجاني أو بمقابل ما في بعض الأحيان. وقد يجرؤ أحيانا فيطرق مباشرة أبواب المؤسّسات الفندقيّة أو يعرّج على ورش بناء بعض الفنادق على أمل أن يجد فيها شغلا كعامل حضيرة مما يعزز حظوظه لللحصول على عمل داخل الفندق حال افتتاحه امام السياح. وبالفعل فكثيرا ما تقوم المؤسّسات الفندقيّة بتوظيف هذا النّوع من العمّال للعمل بالتناوب بين حضيرة البناء وقسم الكنس والتنظيف داخل الفندق مثلا، الأمر الّذي يعفيها من دفع أجور أكبر في حال توظيف عملة مؤهّلين.

  • 0

16حمّودة0 هو واحد من هؤلاء الذين يمكن أن نسميهم بمعذبي البحر (Fanon 1961). انطلق في مسيرته المهنية في عالم السياحة من حضيرة البناء. اِلتقيت به في منطقة ياسمين الحمّامات حيث كان يعمل هناك منذ سنوات كمديرً لمطعم سياحي. روى لي قصّة رحلته وسردها ببلاغة كبيرة وبشغف نادر، بل أحيانا بلوعة لافتة تخللت نبرات صوته وطبعت كلامه. هو أصيل قرية صغيرة توجد بين مدينتي صفاقس وسيدي بوزيد فضّل عدم ذكر اسمها. بدأ عمله في مجال الفنادق في نهاية الثّمانينات، تحديدا لما كان في الخامسة من التعليم الثانوي، حيث التحق أثناء العطلة الصيفية بشقيقه الأكبر الّذي كان يشرف على موقع بناء فندق مشهور بجزيرة جربة، وهو ما فسح له المجال للعمل لأول مرة في حضيرة البناء الخاصة بذلك الفندق مثلما كان يرغب في ذلك منذ البداية. غير أن حظه والصدفة كما يحلو له تفسير ذلك، وضعاه ذات يوم أمام صاحب الفندق الذي كان يتفقد حضيرة البناء عرضا، فجلب انتباهة تعثر هذا الشاب المبتدئ في العمل، خاصة طريقته غير المهنية في الإمساك بالمجرفة أو بالرفش. صاحب الفندق أعلم المسؤول عن الحضيرة، أي الأخ الأكبر، بما شاهده. أحرج هذا الأخير وأعلمه بدوره بأن ذلك العامل ليس سوى شقيقه الصّغير الّذي لم يسبق له أبدا العمل في أي مجال باعتبار أنه مازال تلميذا في التعليم الثانوي. يقول حمودة وهو يصف لي هذه اللحظة الحاسمة في حياته: "تلك كانت الوصفة السحريّة التي مكّنتني من دخول هذا المجال نهائيّا إذ أخبر صاحب الفندق أخي أنّه بصدد البحث عن مجموعة من تلاميذ الثانوي من أمثالي لتكوين فريق جديد يتمّ إعداده للعمل في الفندق المزمع اِفتتاحه في غضون بضعة أشهر. ولذلك طلب من أخي معرفة ما إذا كنت أرغب في الانضمام إلى هذا الفريق. فلم أكد أصدّق الأمر في البداية، فقد بدا لي الأمر وكأنه حلم. طبعا قبلت فورا ذلك العرض الّذي حدّثني عنه أخي دون أدنى تردّد".

  • 0

17و هكذا سرعان ما أصبح عامل البناء الشّاب نادلا متدربا اذ بعد يومين فقط اتّفق الشقيق الأكبر ومدير الفندق على ترسيمه بمدرسة سياحيّة ضمن دورة تكوينية مكثفة تمتدّ على شهرين وتساوي كلفتها التي تكفل الفندق بدفعها كاملة حوالي 2000 دينار0. أمّا عن الأساتذة المكوّنين فكانوا من التونسيين والفرنسيّين وتتمثّل مهمّتهم في إعداد مجموعة من الشباب بمن فيهم حمودة للعمل في المطعم بمجرّد أن يفتح أبوابه. يضيف حمودة وقد عادت به الذكريات الى هذه الأيام الخوالي من حياته: "تخيّل فلاّحا مثلي لم يكن يعرف أبدا كيف يضع السكّين والشّوكة، يجد نفسه بين عشيّة وضحاها يشارك في افتتاح مطعم كامل في فندق فخم". فضلا على ذلك، كان حمودة فخورا بتعلّم لغات أخرى مثل الألمانية والانقليزية وغيرها. بل ان أهم شيئ يعتبر نفسه تعلمه من تلك التجربة ومن مسيرته المهنية كلها، هو ما يسميه "الدراية بالحياة" ويعبر عن ذلك بالفرنسية ب:"Le savoir-vivre". هذه العبارة تتكرر كثيرا على لسان كلّ العملة الّذين التقيت بهم وهي تلخص ما يعتبرونه رؤية أو فلسفة للحياة اكتسبوها من مخالطتهم للسياح الأجانب وبالتالي من انفتاحهم على الثقافات الأخرى. وللتدليل على ذلك تجدهم يقومون بالمقارنة بين طريقتهم السابقة في التعامل مع أنفسهم أو في النظر للعالم من حولهم وبين الطريقة التي أصبحوا عليها منذ أن بدؤوأ العمل في عالم السياحة. يقول أحدهم: "لقد كنت شخصا عصبيّا قبل أن أعمل هنا، أمّا الآن فقد تغيّرتُ وأصبحت أتمتّع بالقدرة على تمالك نفسي، بل صرت أشعر بالهدوء مهما تكن الوضعية التي أجد فيها نفسي". وحدّثني آخر قائلا: "لم أكن، قبل العمل هنا، أحمل المظاهر محمل الجدّ، وأشعر أنّي تغيّرت خلال مسيرتي المهنيّة، بل إنني أستطيع أن أقول إنّني صرت أتواصل مع الآخرين بواسطة المظهر: مظهري الخاصّ ومظهر زبائني". ثمّ أضاف ثالث متحدّثا: "الشكر كله لهذه المهنة فقد غيّرت رؤيتي للآخرين تغييرا جذريا نحو ما هو أفضل بكثير ونحو ما هو إيجابي بالأساس. فقد صرت قادرا على احترام آراء الآخرين وإن كنت لا أشاطرهم فيها، وهو ما كان مستحيلا في الماضي".

18تساعدنا الأمثلة المذكورة أعلاه على فهم تمثل هؤلاء الشبان لأنفسهم من خلال ممارستهم لأعمالهم بما يكتنف ذلك من احتكاك بمحيطهم المباشر ومن تراكم للتجارب التي يعيشونها. هذه التجارب تتراوح بين الـتأهيل الجسدي كما سنرى لاحقا وبين تعلم كودات وشفرات الثقافات الأخرى وان كان ذلك بشكل آلي ومقتضب. يضيف حمودة: "الأهم في مهنتنا ليس أن تتعلم كيف تعد وجبة طعام أو كيف توظب السكاكين ان كان ذلك على الطريقة الفرنسية أو الروسية، وانما أن تتعلم أكثر ما يمكن عن ثقافات الآخرين بما يساعد على تجنب ازعاجهم في أوقات هم في أشد الحاجة فيها للراحة والاسترخاء." ويتم ذلك حسب رأيه عبر أشياء بسيطة مثل " تجنب وضع أعواد تنظيف الأسنان على الطاولة عندما يتعلق الأمر بزبائن انقليزيين وتجنب ذكر الرقم 13 بحضور زبائن فرنسيين، لأنهما فعلان يمكن أن يحيلا على فأل متشائم حسب الخلفيات الثقافية للسياح أي الانقليز في الحالة الأولى والفرنسيون في الحالة الثانية. "

III- هل بمقدور النادل أن يتكلم فعلا؟

19بيت القصيد أو سر مهنة النادل، في نظر حمودة، تكمن أولا وقبل كل شيء في جسده، ليس فقط لانه خزان للتجارب مثلما رأينا أعلاه، ولكن لأنه يستبطن أدوات السلطة وأنظمتها الهادفة الى ترويض الفرد واخضاعه. حمودة يعبر عن هذا الامر بطريقته الخاصة وهو يقول: " في كل الحالات يجب عليك أن تنتبه إلى جسدك اثناء عملك. فعلى سبيل المثال ينبغي تجنب الحكاك بحضور الحرفاء أو الانحناء فوق رؤوسهم عند تقديم الخدمة لهم حتّى لا يشتمّوا رائحة إبطك أو فمك." بل أنه يذهب أبعد من ذلك وهو يسترجع ذكرياته بذلك الفندق الذي تدرب على العمل فيه في بداية مسيرته في جربة، فيقارنه بالثكنة العسكرية. لقد كان العمال في هذا الفندق وفي غيره مثلما استقيته من شهادات أخرى، يخضعون لنظام عمل يومي قائم على قوانين وقواعد انضباط صارمة ودقيقة. مثلا، كان على العامل عند كل صباح أن يمر بمغسلة الملابس ليحصل على "زي عمله المتكون من حذاءين وسروالين وقميصين وسترتين ومنشفة وشامبو". ثم كان عليه أن يمر بغرفة الحمام ليحلق لحيته ويستحمّ وكان عليه أن يكون مستعدا قبل 30 دقيقة من الاجتماع الموجز صباحا مع رئيس العملة." ويضيف حمودة مستحضرا عناصر أخرى من من ذكرياته: "ولا نكتفي بهذا فقط. فقد كان مدير المطعم يأمرنا بالاصطفاف الواحد بجانب الاخر في شكل صف عسكري، ثم يمر أمام كل واحد منا فيتشمّم فمه وابطه، ويتثبت في حذائه ان كان في حاجة الى التلميع، بل يتفقد حتى أظافره ولحيته ان كانت محلوقة في ذلك اليوم أم لا."

20كان حمودة يشعر بالنشوة والفخر وهو يستحضر كل هذه القواعد الصارمة التي حفظها عن ظهر قلب منذ 20 سنة. لقد كانت ذات أهمية كبرى بالنسبة اليه باعتبار أنها لعبت دورا حاسما في تغيير نظرته لنفسه وللعالم من حوله. من ذلك أنها حفزته، وهو في سن مبكرة، على الاعتناء بجسده كتحفة نادرة وثمينة تثير اعجابه واعجاب الاخرين. بل أنه كان يرى جسده بمثابة خشبة المسرح التي يعرض فوقها ذاته الجديدة كشاب جذاب وأنيق، وهي الذات التي طورها عبر ما صقله من تقنيات ومهارات من خلال تجاربه المهنية والاجتماعية. هنا يسترجع حمودة بعض الذكريات قائلا: "أذكر عندما كنت أنظر الى نفسي في المرآة فأقول: "آه يا حمودة! كيف كنت من قبل وكيف أصبحت الان؟ لا أكاد أتعرف على نفسي وأنا أرى العقد الذهبيّ يتدلى حول عنقي والخواتيم ترصع أصابعي والاساور تزين معصمي، ثم حذائي وملابسي التي كانت من أرقى أنواع الموضة في ذلك الوقت. بالاضافة الى كل ذلك، كنت أكتري سيارة في كل مرة أعود فيها إلى قريتي النائية أي على الأقل مرة في الشهر."

21قراءتي لشهادة حمودة ولشهادات زملائه في العمل ممن التقيت بهم، تقودني الى تعريف البيوضيافة كنتاج لسيرورتين متلازمتين ومتداخلتين تحفان بجسد عامل الضيافة وتشكلانه على المدى الطويل. تقوم السيرورة الأولى على استبطان الخضوع لنظام انضباطي خارجي مفروض من مؤسسة لها سلطة زجرية أي الفندق في هذه الحالة. وتقوم السيرورة الثانية على تعديل السيرورة الاولى عبر مساهمة العامل في نحت كيانه الجسدي من خلال ما يسميه فوكو بتقنيات الذات أي ألاعمال والمهارات التي يقوم بها الفرد في إطار الاعتناء بجسده وصيانته وكأنه أثر فني. من هنا يمكن القول بأن هاتين السيرورتين تجعل العامل يتراوح بين أجساد ثلاثة. الأول هو جسده الخاضع والمطموس تحت وطأة أوامر أرباب العمل وطلبات الزبائن. الثاني هو جسده المصقول والمحتفى به وكأنه عمل فني، دعنا نقول جسده الجمالي والاستعراضي التواق الى التحرر والانعتاق. أما الثالث، فهو جسده الذي يلاحقه من الماضي أي جسده "الأصلي" الذي جاء به وفيه من منطقته النائية.

22عن ذلك الجسد النائي والقريب في آن، يقول حمودة ردا على سؤالي حول شعوره عند زيارته لمنطقته وهو بذلك ـ"المظهر الجديد" الذي سبق أن وصفه أعلاه: "سعيد بعودتي الى بلدتي من حين لآخر. ولكن أجد نفسي حزينا عندما أرى الشباب في سني يعانون البطالة والحرمان. فمجرّد النظر لملابسهم البالية يذكّرني بحياتي السابقة. وأنى لأشعر بالمرارة عندما أراهم ينخدعون بمظهري فيطلبون مني مساعدتهم على الضفر بعمل مثل عملي، فأجد نفسي عاجزا عن القيام بذلك لأنه لا حول لي ولا قوة عكس ما يتصورون". ويستحظر هنا حادثا من هذا القبيل أثر فيه كثيرا لأنه تعلق بأحد أقربائه واسمه مختار وقد كان يدير مركز البريد بالقرية وله حظوة لدى الأهالي. جاءه طالبا مساعدته على إيجاد عمل لابنه "بالقطاع السياحي بمرتب جيّد وفي أقرب وقت ممكن". وبما أنه كان يعرف الصبي الذي لم يتجاوز سنه السادسة عشر تقريبا، رأى حمودة أنه لن يكون قادرا بدنيا ونفسيا على تحمّل ضغوطات العمل في الفنادق. لقد كان الصبي هشا بعض الشيء وبعيدا كل البعد عن الاستجابة لشروط هذا العمل الشاق والمهين أحيانا. وأردف قائلا: "قلت له يا عم مختار أرجوك أنصت إليّ جيّدا. إن أردت نصيحتي نحن معشر هذه الربوع لا نستسيغ هذا النوع من العمل. لا تغرّنك المظاهر. صحيح أنا أرتدي ملابس جيّدة واكتري سيارة لكن الحقيقة هي غير ما تراه. هل يوافق ابنك على غسل الصحون وهل توافق أنت على ذلك؟ لآ اعتقد بأنكما توافقان أو بأنه يستطيع تحمل هذا العمل. غضب مني العم مختار حتى أنه رفض توجيه الكلام الي عندما التقيته في اليوم الموالي. ثم طلب بعد ذلك من أبي أن يتوسط له لدي -أبي الذي لا يعلم إلى غاية يوم مماته ماذا كنت أشتغل بالضبط- فكان ردي هو ذاته. فاختار العم مختار أن يسجل ابنه بمدرسة خاصّة للسياحة وكلفه ذلك 5.000 دينار ولكن ابنه لم يفلح في مسيرته إذ بعد عثوره في آخر المطاف على عمل مثل عملي بجربة أجبر على المغادرة بعد يوم بالكاد لأنه لم يستطع تحمّل مشقة مهنة النادل".

23من الواضح أن الألم والإحباط اللذين شعر بهما حمودة من جراء هذه الحادثة ظلا يلازمانه بعد كل هذه السنين كما بدا ذلك على هيأته وعلى نبرات صوته. فبعد أن كان مفعما بالحماس والحيوية وهو يتحدث عن ولعه بجسده في بداية مسيرته المهنية، أصبح، وهو يتحدث عن هذه الحادثة، منطويا على نفسه ومرتعش الصوت بشكل ظاهر. كان الأمر كذلك مع إيماءاته قبل سرد القصّة وبعدها. فمن البهجة والانفتاح ونضارة الشباب التي رسمت كلماته السابقة ويديه وكامل جسده الذي أومض مثل شعلة، بدا الآن وكأنه يتفكّك من فرط المرارة والأذى، فلسانه بالكاد ينطق، ويداه بالكاد تقدران على الحركة. هذا الجرح الحميمي الذي ظل غائرا في نفس حمودة، كان له ما يقابله عند العمال الاخرين وان بدرجات متفاوتة. فأثناء حديثي معهم، لاحظت بأنه ينتابهم نوع من التوتر كلما أفضى الحديث الى مقارنة وضعهم قبل وبعد اشتغالهم بمجال السياحة، أو الى مقارنة ظروف الحياة في مناطقهم البعيدة وتلك في المناطق السياحية.

IV-هويّتان لا تتصالحان

24نجيب هو أحد زملاء حمودة وهو يعمل بنفس المنطقة السياحية ياسمين الحمامات لكن بمطعم آخر. هو أصيل إحدى المناطق الريفية بساقية سيدي يوسف على الحدود التونسية الجزائرية وقد كان في شبابه يتردد على تونس ليزور أخته التي تقطن هناك منذ سبعينات القرن الماضي وهو ما خول له استكشاف إمكانيات العمل في القطاع السياحي. فشله في الحصول على شهادة الباكالويا، أي شهادة ختم التعليم الثانوي، جعله يلتحق بذلك القطاع فعلا. فقد سجل في بداية الثمانينات بمدرسة التدريب السياحي بسوسة ثم عمل لمدة سبع سنوات كنادل حتى حصل على رتبة نادل أوّل بأحد الفنادق بنفس المدينة. تنقل بعد ذلك بين مدن سياحية مختلفة الى أن انتهى به المطاف في مدينة الحمامات. نجيب بدا شديد الانتقاد للسياسة السياحية في تونس. فمن وجهة نظره وهو أصيل منطقة فلاحية، لم تفعل السياحة شيئا سوى تدمير الفلاحة في الوقت الذي كان من المنتظر أن تدعم تنوع الموارد الاقتصادية للبلاد. كمثال على ذلك، يشير الى ما يصفه بعمليات السطو على الموارد المائية من مدخرات المناطق الداخلية لتوفيرها بالنزل وملاعب الصولجان والمسابح. خلاصة القول، هو يعتبر بأن المناطق الداخلية تقدم للمناطق السياحية الكثير مقابل لا شيء تقريبا: "تلك المناطق توفر للشريط السياحي المنتوج الفلاحي والماء واليد العاملة البخسة ولا ينتفع سكّانها بشيء مقابل ذلك" يضيف نجيب ساخطا.

25خطاب نجيب وأمثاله من العمال، يؤشر الى وعي مكبوت بتفكك جسد البلاد الاجتماعي والجهوي، بما يعني بأن التباين الاقتصادي بين الجهات يمكن أن تتجاوز نتائجه مجرد الإحساس بالظلم وبالحيف الاجتماعي، الى الإحساس بنوع من الاغتراب وبعدم الانتماء الى أي من جهات البلاد. فهؤلاء الشبان يجدون أنفسهم ممزقين بين استحالتين: استحالة الإحساس بأنهم ينتمون لتونس السياحية تلك التي قضوا سني حياتهم يعملون بها واستحالة العودة أو تجديد الانتماء الى ما يسمى يتونس الأعماق، أي تلك المناطق التي قدموا منها. يقول نجيب: "أنا ممزق بين الفلاح الذي لا أزال أرى فيه نفسي والنادل الذي أصبحت. أجل إني لا أزال أعتبر نفسي فلاحا ولا أزال أعمل بالأرض مع والدي كلما عدت للقرية، لكن هذه الأخيرة لم يعد بأمكانها أن تبث في شحنة الانتماء اليها مثلما كان ذلك سابقا. ان الفقر الجاثم على صدرها يجعلها غير قادرة على شدي اليها أو شد كل أولئك المساكين الذين يحاولون الفرار منها. أضف الى ذلك فأنا متعلق بعملي في السياحة، فقد مكّنني من بناء منزلين بالقرية حيث ولدت ولكنّني غير قادر على الاعتراف بذاتي في صورة تونس وصورة التونسي التي صنعتها السياحة."

26الجيلاني، أصيل جهة القيروان، هو الأكبر سنا ضمن كل من التقيت بهم من عمال الفنادق. فهو قد تجاوز الستين من العمر وما زال لم يخلد لراحة التقاعد بعد. قدّم نفسه لي وهو يشير الى بدلته الزرقاء وقبعته السوداء، بأنه يحمل رتبة قبطان ضمن سلم المسؤوليات في مجال الترفيه السياحي حيث يعمل كمسؤول عن الأنشطة الترفيهية فوق سفينة سياحية بـ"مارينا"الحمّامات حيث قابلته. أخبرني عن بدايات مسيرته المهنية في الستينيات عندما قرر أبوه أن يرسله للعمل عند صديق يملك فندقا في سوسة مما أدى به الى الانقطاع مبكرا عن الدراسة أي قبل نيل الشهادة النهائية للتعليم الابتدائي. وهكذا وجد نفسه فجأة بعيدا عن عائلته وهو في سن العاشرة في مدينة لا يعرفها وفي فضاء مهني غريب عنه تماما. من هنا كانت تجربته القاسية في تعلم أصول هذه المهنة التي أصبح معتزا بها مع مرور الوقت أي بعد أن تمكن منها. كدليل على ذلك، يصف لي بداياته الصعبة في تعلم اللغات وكيف نجح في خمس سنوات فقط في تعلم سبع لغات عبر الاحتكاك بالزبائن من جنسيات مختلفة وبمساعدة زميل له في العمل كان يقدم له بعض الدروس بطريقة غير نظامية. يقول جيلاني: "كان عليّ أن أعمل وأتابع هذه الدروس غير الرسمية من "معلمي" الذي هو زميل لي أكبر مني سنّا عرض عليّ أن يعلّمني اللغات التي كان قد حفظها أثناء عمله. كان يطلب مني مثلا أن أنصت بانتباه للسياح وهم يتحدّثون وأن أدوّن ما أسمعه على ورقة مستعملا الحروف العربية لأنّي لا أعرف اللاّتينية، أو أن أن أحفظ عن ظهر قلب 10 جمل بلغات أجنبية لآ أفهمها كان يكتبها لي على ورقة دائما بالأحرف العربية. وكان يعاقبني إذا فشلت في ذلك بضربي بعصا صغيرة ضربة واحدة على يدي عن كل جملة لا أنجح في حفظها."

27ورغم هذه العقوبات التي تلقاها بصورة جدّيّة عدّة مرات يؤكد الجيلاني أنه ظل مدينا بالكثير من العرفان لـ «معلّمه" الذي أورثه موهبة ثمينة وهي التمكن من تعلم وحذق لغات أجنبية بسرعة وكفاءة. فبالنسبة إليه تعلّم اللّغات الأجنبية يغنيه عن السّفر في أرجاء العالم ولعل ذلك ما جعله يعرض عن السفر للخارج رغم الدعوات العديدة التي تلقاها من أصدقائه السياح. يقول ببساطة انه لم يشعر أبدا بالحاجة لذلك. "أشعر أنني أسافر كلما شرعت في تعلم لغة سيما حين أنجح في إتقانها. لقد تعلمت مؤخرا اللغة الروسية وها أنا الآن أنا بصدد تعلّم اللغات السلافية والاسكندنافية. عندما أتعلم أزداد أملا اذ أشعر بأن العالم ينفتح أمامي ويغمرني بكرمه وهو ما يدعوني في المقابل أن أرحب بالسياح وأستقبلهم في بلدي بكرم كبير. كما تعلم، بلا أمل يصبح العالم حزينا وخطيرا".

على سبيل الخاتمة

28إنّ سياق ما بعد الثورة الذي تحدث لي فيه هؤلاء العمال من قطاع السياحة جعل أحاديثهم تتماهى الى حد كبير مع امال وأحلام شباب الثورة. بل هم يرون أنفسهم في هؤلاء الشباب خاصة أنهم ينتمون في الغالب الى نفس الجهات الداخلية والى نفس الفئات الاجتماعية. ولذلك فانهم يعتبرون أنه ليس من باب الصدفة أن كان شباب المناطق الداخلية أول من أعلن التمرد على المنوال الاقتصادي والاجتماعي لدولة الاستقلال الذي لم يكن في صالحهم. ولم يكن من قبيل الصدفة أيضا أن يصبّ هؤلاء الشباب جام غضبهم الثوري على ما كانوا يسمونه بـ"مدن الفساد البورجوازي" مشيرين بذلك إلى بعض المدن الساحلية المحظوظة. فهم وخلافا للعديد من مواطنيهم المقيمين بالشريط الساحلي الذين يعتبرون المناطق السياحية مصدر اعتزاز وعلامة هيبة تعود بالمنفعة على مناطقهم، يرى شباب "تونس الأعماق" في الشريط السياحي وجهة بعيدة ومناوئة لطموحاتهم واحلامهم التي كثيرا ما حولها النزوح السياحي الى كابوس. فهم ورغم نزر الثروة الضئيلة التي وُفّقوا في الحصول عليها بفضل عملهم في ذلك الشريط، فقد ظلوا ممزقين بين وضعية الفقير البطال وهي الوضعية التي كانوا يعيشونها في مناطقهم الداخلية، ووضعية العامل البسيط والمهمش التي يعيشونها من خلال عملهم في القطاع السياحي.

Haut de page

Bibliographie

Abubakar, A. et al. 2019. “Physical attractiveness and managerial favoritism in the hotel industry: The light and dark side of erotic capital”, Journal of Hospitality and Tourism Management, 38, pp. 16-26.

Bertaux, D. 2003. Les récits de vie. Paris : Nathan Université.

Mencé-Caster, C. et Bertin-Elisabeth, C. 2015. « Approches de la pensée décoloniale », Archipélies, 5, on line : https://www.archipelies.org/189

Delory-Momberger, C. 2009. La condition biographique : Essais sur le récit de soi dans la modernité avancée. Paris : Téraèdre.

El-Said, O.A. 2013. “Impacts of respect, support, and teamwork on hotel employees' morale in Egypt”, Anatolia: An International Journal of Tourism and Hospitality Research, 25, 2, pp. 1-17.

Fanon. F. 1961. Les damnés de la terre. Paris : Maspero.

Foucault, M. 1994. Dits et écrits, 1954-1988. Paris : Gallimard.

Foucault, M. 1997. Surveiller et punir : naissance de la prison. Paris : Gallimard.

Hopf, V. 2018. “Does the body modified appearance of front-line employees matter to hotel guests?”, Research in Hospitality Management, 8, 1, pp. 67-72.

Karatepe, O. et al. 2009. “Outcomes of customer verbal aggression among hotel employees”, International Journal of Contemporary Hospitality Management, 21, 6, pp. 713-733.

Kaufmann, J.C. 1996. L’entretien compréhensif. Paris : Nathan Université.

Knezevic, M. et al. 2015. “The physical appearance of hotel guests: The impact on service providers’ communication and quality of service”, International Journal of Hospitality Management, 51, pp. 8-14.

Lam, T. et al. 2001. “An investigation of employees’ job satisfaction: the case of hotels in Hong Kong”, Tourism Management, 22, 2, pp. 157-165.

Lee, J. and Ok, C. 2015. “Drivers of work engagement: An examination of core self-evaluations and psychological climate among hotel employees”, International Journal of Hospitality and Management, 44, pp. 84-98.

MacCannell. D. 1992. Empty Meeting Ground: The Tourist Papers. London: Routledge.

Melian-Gonzalez, S. and Bulchand-Gidumal, J. 2017. “Extending the scope of hotel client reactions to employee injustice: Hotel employer reviews on the Internet”, International Journal of Hospitality Management, 63, pp. 93-100.

Mignolo, W.D. 2015. Habiter la frontière, la désobéissance épistémique. Rhétorique de la modernité, logique de la colonialité et grammaire de la décolonialité. Bruxelles : Peter Lang.

Mzabi, H. 1978. La croissance urbaine accélérée à Jerba et ses conséquences sur la vie de relations avec l’Extérieur. Tunis : Publications de l’Université de Tunis.

Okumus, B. et al. 2019. “Examining the impacts of job stress and job satisfaction on hotel employees’ eating behavior”, Journal of Hospitality Marketing & Management, 28, 5, pp. 1-18.

Saidi, H. 2014. “Traveling in the Maze of the Self or Rediscovering Tunisia after the Jasmine Revolution”, Postcolonial Studies, 17, 3, pp. 286-295.

Saidi, H. 2017. Identité de façade et zones d’ombre : tourisme, patrimoine et politique en Tunisie. Paris : Éditions PETRA.

Sethom, H. et Kassab, A. 1981. Les régions géographiques de la Tunisie. Tunis : Publications de l’Université de Tunis.

Solnet, D. et al. 2015. “What about the workers? Roles and skills for employees in hotels of the future”, Journal of Vacation Marketing, 22, 3, pp. 212-226.

Tuzun, I.K. and Arzu, K.T. 2018. “Workplace deviance and human resource management relations: A case study of Turkish hotel employees”, Journal of Human Resources in Hospitality & Tourism, 17, 2, pp. 137-153.

Yang, J.T. 2010. “Antecedents and consequences of job satisfaction in the hotel industry”, International Journal of Hospitality Management, 22, 4, pp. 609-619.

Zopiatis, A. et al. 2014. “Job involvement, commitment, satisfaction and turnover: Evidence from hotel employees in Cyprus”, Tourism Management, 41, pp. 129-140.

Haut de page

Notes

0

- لم تقتصر السّواحل على صناعة السّياحة فقط، بل تمّ ارساء بنى تحتيّة صناعيّة ذات أهمّية كبرى. انظر على سبيل المثال مصانع قطع غيار السيّارات أو الملابس الجاهزة أو مصانع النسيج الخاضعة لقانون رقم 72-38 المؤرّخ في 27 أفريل 1972 والمعروف ببساطة بقانون 1972. وكان هذا القانون قد ضمن مزايا ماليّة للمستثمرين من التونسيّين ومن الأجانب أيضا وهو ما ساعد على تطوير مشاريع صناعيّة تصديريّة.

0

الأسماء المعتحدة هنا مستعارة. يقتبس المقال عناصر من دراسة ميدانية تضمنها كتاب للمؤلف صدر سابقا باللغة الفرنسية. أنظر:

Saidi, H. 2017. Identité de façade et zones d’ombre : tourisme, patrimoine et politique en Tunisie. Paris : Éditions PETRA.

0

- يساوي ذلك تقريبا 600 أورو، وهو مبلغ ليس بالهيّن في ذلك الوقت.

Haut de page

Pour citer cet article

Référence électronique

الحبيب السّعيدي, « في البيوضيافة: الفنادق بما هي ثكنات أو النّادل ذو الأجساد الثّلاثة », Via [En ligne], 16 | 2019, mis en ligne le 30 mars 2020, consulté le 19 février 2025. URL : http://0-journals-openedition-org.catalogue.libraries.london.ac.uk/viatourism/4596 ; DOI : https://0-doi-org.catalogue.libraries.london.ac.uk/10.4000/viatourism.4596

Haut de page

Auteur

الحبيب السّعيدي

جامعة لافال، كندا، IPAC/CELAT

Haut de page

Droits d’auteur

CC-BY-NC-ND-4.0

Le texte seul est utilisable sous licence CC BY-NC-ND 4.0. Les autres éléments (illustrations, fichiers annexes importés) sont « Tous droits réservés », sauf mention contraire.

Haut de page
  • Logo DOAJ - Directory of Open Access Journals
  • Logo DIALNET
  • Logo L'Agenzia Nazionale di Valutazione del Sistema Universitario e della Ricerca
  • OpenEdition Journals
Rechercher dans OpenEdition Search

Vous allez être redirigé vers OpenEdition Search