Navigation – Plan du site

AccueilNuméros11متنوعاتنمْذجة القصيدة في الشعر الأمازيغي...

متنوعات

نمْذجة القصيدة في الشعر الأمازيغي بنية الاستهلال

Ahmed Elmounadi
p. LXXXIX-CXVI

Résumé

Les incipits de toute production littéraire représentent un objet de la poétique universelle et de la critique littéraire. Bien que les études menées sur ledit objet soient nombreuses depuis la rhétorique d’Aristote, en passant par les travaux arabes médiévaux et jusqu’a nos jours, les incipits dans la création amazighe n’ont jamais été un sujet d’investigation de la part des chercheurs. Cet article vise à présenter un point de vue analytique sur l’incipit dans la poésie traditionnelle amazighe, en tant que composante essentielle dans la construction du texte poétique oral. L’analyse se portera sur deux axes :
- l’identification de l’incipit et son importance dans le discours littéraire, notamment la tradition poétique amazighe;
- la signification des incipits, leur fonction rituelle, psychique et pragmatique et leur dimension socioculturelle et esthétique.

Haut de page

Texte intégral

تمهيد

1دلت تقاليد قرض الشعر في مختلف الألسن واللغات، على أن النص الابداعي يولَد فيكتمل ثم يصير بنية متآلفة الأجزاء منسجمة المقاطع، مع تفاوت في مستويات التعبير عن هذا التآلف بين نص ظاهره كذلك، وآخر يحتاج إلى تأويل للاستدلال على انسجامه وتكامله. وبالرغم من كون العمل الإبداعي وحدة متكاملة، فإن إجرائية التحليل وفعاليته اقتضت من الدرس الأدبي والنقدي عموما، أن يتعامل معه بكونه أجزاء منفصلة داخل إطار كلّي يطلق عليه النص، وذلك تمكينا للدارس من الإمساك بتفاصيل العمل وتضاريسه المختلفة بنائيا ودلاليا وجماليا. ومن المؤكد أن الممارسة التحليلية أثبتت جدوى المعرفة الدقيقة بمفاصل الابداع وأجزائه في البحث عن خصائص النص وقيمه وأبعاده. ومن هذا المنطلق تمثل الدارسون النص الأدبي منذ القديم بوصفه هيئة لا تخلو من ثلاثة مكونات: المطلع والوسط والنهاية؛ يصح هذا في النثر كما يصح في الشعر. ويتضح من خلال النقود والدراسات الكثيرة التي تراكمت حول بناء النص الإبداعي عبر مسار تاريخ الأدب، أن البحث في المكونات الشكلية للعمل الفني تستمد قوتها النظرية من كونها تكشف عن النمذجة أو الأنموذج الذي يتأسس عليه الإبداع. فالخطاب النقدي منذ الإغريق إلى اليوم، ما فتئ يبحث في البُنى الفنية الثاوية في جسد النص الإبداعي، وما يتعلق بذلك من القوانين المتحكمة في مكوناته وأجزائه، ومظاهر الاتصال والانفصال في بُنيانه. وبذلك تبلورت تصورات ومفاهيم خاصة بالموضوع، نجدها مبثوثة في ثنايا كتب تاريخ الأدب والنقد في مختلف الثقافات.

  • 1 نشير هنا إلى أن بعض الأنواع الشعرية التي لا تخضع للتوزيع المشار إليه، مثل شعر ئزلان الذي بطبيعته ال (...)
  • 2 ينصب اهتمامنا في هذا المقال على الاستهلال، توسيعا لفكرة أشرنا إليها في عمل سابق مفادها أن ثمة حاجة (...)
  • 3 قمنا بتعريب معاني هذه النماذج الشعرية المعتمدة في التحليل لتقريبها إلى القاريء الذي لا يلمّ بالأماز (...)
  • 4 من المؤكد أن تراثا هائلا من الشعر الشفوي الأمازيغي ضاع بفعل التحديات التي تواجه الرواية الشفوية. كم (...)
  • 5 نشير هنا إلى أن أقدم المقطوعات الشعرية التي بلغتْنا تعود إلى القرن الثامن عشر للميلاد، للشاعر سيدي (...)

2والشعر الأمازيغي كغيره في ثقافات الشعوب الأخرى، لا يشذ عن هذا الإطار، إذ إن قصيدته تخضع بدورها لنمذجة بنائية، تواترت عبر أجيال الشعراء الشفاهيين، متأثرة بعوامل وتحولات اجتماعية وثقافية من جهة، وبإكراهات الرواية الشفوية من جهة أخرى. وتتأسس نمذجة القصيدة الأمازيغية بشكل عام على ثلاثة عناصر، الاستهلال فالموضوع ثم الخاتمة، بغض النظر عن الاستثناءات المتعلقة ببعض الأنواع الفرعية للشعر، والتي لا تسمح بُناها لمثل هذا الإجراء التوزيعي، إما لطبيعتها أو لخصوصية موضوعاتها1. واقتناعا منا بأهمية دراسة بناء النص ومعرفة أحواله، ودور ذلك في تعميق الوعي النقدي بالعمل الإبداعي، سنُقصر القول في هذا المقال على العنصر الأول2، منطلقين من فرضية مفادها وجود "نموذج إرشادي" لبناء الاستهلالات في الشعر الأمازيغي. ولاختبار هذه الفرضية سنعمد إلى تفكيك بعض النماذج الشعرية3 التي نراها مناسِبة للتمثيل، مركزين، بعد تحديد مفهوم الاستهلال وأهميته، على بيان تجلياته في القصيدة الأمازيغية، وكيفية تمثل الشعراء له، بالإضافة إلى ما يستبطنه على مستوى البنية والدلالة والوظيفة والتداول. وإذا كان البحث في مثل هذه القضايا يتأسس في أصله على العودة إلى النصوص الشعرية الأولى التي نشأتْ في تاريخ لغة مّا، فإن ذلك يتعذر في حالة اللغة الأمازيغية، باعتبار النصوص الأولى المؤسسة غير موجودة4، وأن ما بلغنا ليس سوى مقطوعات وأجزاء لا يستقيم اعتمادها لبناء نموذج أو تصور كلي للنص الشعري5. ولذلك سنبني مقاربتنا على استهلالات لنصوص شعرية أمازيغية مكتملة، وإن كان زمن ولادتها لا يتناسب مع تاريخ هذا الشعر العريق.

في أهمية الاستهلال

3الاستهلال مصطلح فني أدبي يدل على أول الكلام وبدايته، سواء تعلق الأمر بالنثر أم بالشعر. وتستعمل للدلالة على معنى الاستهلال مصطلحات وألفاظ أخرى، من قبيل المقدمة والمطلع والافتتاح والابتداء أو البداية... وكلها مصطلحات تشكل حقلا معجميا، تدور معانيه اللغوية والاصطلاحية حول نواة دلالية واحدة، تحيل على بداية الكلام. وإذا كان من المعلوم أن تفضية الاستهلال في النص الشعري الأمازيغي، كما في غيره، تتحدد من خلال الحيز الفضائي أو المكاني الذي يحتله داخل النص، فإنه يلزم أن نشير إلى أن له حدودا تتخذ أشكالا مختلفة، مابين حد بصري يعتمد المساحات البيضاء في الفصل بين الاستهلال وبقية النص، ويكون في النصوص المكتوبة؛ ثم حد إيقاعي، يتم بتغيير الوزن أو الانتقال من قانون إيقاعي إلى آخر، وأخيرا حدّ دلالي ينتقل فيه المبدع من مقام دلالي أو من موضوع إلى آخر.

  • 6 أرسطو طاليس، الخطابة، ص 230.
  • 7 يقول ابن رشيق في هذا الصدد: "وكانت العرب تعدّ القصيدة قفلا أوله مفتاحه"، ينظر ابن رشيق، العمدة في م (...)
  • 8 أبو هلال العسكري، كتاب الصناعتين، ص 431.

4وقد فُتن القدماء بالاستهلال فألفوا فيه مقالات وتعريفات تُظهر أهميته ومكانته في الخطاب بأنواعه المختلفة، إلى أن أصبح لدينا اليوم تراث مفهومي ونظري في الموضوع، تراكمت فيه اجتهادات الفلاسفة والنقاد واللغويين منذ العهد اليوناني. فهذا أرسطو يُفرد في كتابه الخطابة فصلا خاصا للاستهلال، معرفا إياه ومبرزا أساسه النفسي بقوله "الاستهلال هو إذن بدْء الكلام، ويناظره في الشعر المطلعُ، وفي فن العزف على الناي الافتتاحيةُ. فتلك كلها بدايات كأنها تفتح السبيل لما يتلو. والافتتاحية شبيهة بالاستهلال في النوع البرهاني، ذلك أن عازفي الناي إذا عرفوا لحنا جميلا، وضعوه في افتتاح المعزوفة كأنه لحنُها. وينبغي في الأقوال البرهانية أن يجري التأليف هكذا: نبدأ بالتعبير عما نقصد إليه ثم نسترسل. وكل الخطباء يلتزمون هذه القاعدة"6. يحدد أرسطو في هذا التعريف أمرين أساسيين، يتعلق الأول بتفضية الاستهلال، أي تحديد موقعه في فضاء الكلام أو الخطاب، باعتبار هذا الموقع مصدرا من مصادر "القوة" التي يكتسبها سواء كان في الشعر أم في الخطابة أم في فنون العزف. والأمر الثاني يتصل بالأساس النفسي الذي يقوم عليه الاستهلال، من خلال مقاصد المتكلم وما ينبغي مراعاته من قوانين بناء المعنى في مستهل الخطاب. أما النقاد العرب القدامى، فأكدوا على أهمية المطالع، في خضم تناولهم للمقدمات الطللية والغزلية، وبرهنوا على أصالة هذا الجزء في عمود القصيدة العربية ونظامها. ولذلك أكثروا من الإلحاح على العناية بالاستهلالات، واعتبروها مفاتيح القصائد7، ودليلا على البيان كما جاء في كتاب الصناعتين "أحسنوا معاشر الكتّاب الابتداءات فإنهن دلائل البيان"8.

5وقد سلك الشعراء الأمازيغ المسلك نفسَه، لما أكدوا في مقدمات إبداعاتهم على أهمية اختيار الاستهلالات المناسبة التي تمهد للكلام وتؤسس له، وذلك بتوظيف المعاني النبيلة، والعبارات التي تسمو بالمتكلم إلى مقامات الجد، أو استحضار مصادر انتهال الشعر واستلهامه، أو استثمار أدبيات الاستفتاح الدينية كالبسملة والسلام والتصلية، وغيرها مما سنعرج عليه في ما سيأتي من هذا المقال.

في أبعاد الاستهلال

6يمكن اعتبار الاستهلال بمثابة وحدة نصية داخل العمل الإبداعي، تقوم على مقومات بنيوية ودلالية وتداولية، تأخذ أحيانا أبعادا سيميائية تحيل على ممارسة ثقافية في المجتمع الذي يمثل المبدعُ لسانَه. ولذلك فإن تحليل ظاهرة الاستهلال في الشعر الأمازيغي، يقتضي تفكيكه إلى جملة من المكونات قصد استجلاء مجمل الأبعاد والمسارات التي يتخذها على المستويات الدلالية والجمالية والتداولية.

البعد الدلالي

  • 9 المقصود هنا الشعر التقليدي الشفوي الغنائي، ولا نقصد مطلق الشعر الأمازيغي.

7من خلال استقراء نماذج تجربة الاستهلال في الشعر الأمازيغي9 في مناطق سوس ووسط المغرب، يتضح أن ثمة اتجاها عاما يحكم بناء استهلالاته، عبر تواتر بنيات لسانية ودلالية تحيل على الفضاء الديني. يتعلق الأمر هنا بالحضور القوي للمعطى الديني بوصفه من ضرورات الابتداء، متجسدا في ثلاث نُوى دلالية:

  • التوسّل بالبسملة أو التسليم، مع ما يرافق ذلك من التضرع إلى الله والدعاء للنفس بالتوفيق؛

    • 10 شيوخ الزوايا والأولياء الصالحون. عن دورهم في مسارات الشعراء الأمازيغ، ينظر: الإلهام والتلقي في الشع (...)

    التوسّل بالصلحاء والشيوخ والأنبياء10 وتذكّر بركاتهم على الشاعر بما هم مصدر الإلهام ومنبع سرّ الإبداع وسلطته؛

  • التوسّل بالعلم أو بالمعرفة الدينية.

  • 11 الحسين المجاهد، معلمة المغرب، ج 2، مادة "أماركَ"، ص 669.

8إن تواتر الاستهلال الديني في تجارب الشعراء الأمازيغ، يؤكد وجود اقتناع لديهم بضرورة تبني أسلوب موحد على مستوى التأسيس للكلام الشعري، تفاعلاً مع المزاج العام لثقافة المجتمع الأمازيغي وممارساته الحاملة لقيم مؤصلة دينيا. ويمكن القول بأن من مميزات القصيدة الأمازيغية "التزامها باستهلال ذي مضمون ديني توسّلي، يتبرك فيه بذكر الله والرسول والأولياء والصالحين"11. ولعل النماذج التي سنضرب بها المثل، وفقا للنوى السابق ذكرها، تعكس بوضوح هذا النزوع الديني، أحيانا بشكل مباشر وأحيانا بطرق غير مباشرة، عبر الإحالة على ما له علاقة بالفضاء أو بالمؤسسة الدينية.

التوسّل بالبسملة

9مِن صيَغ البسملة التي ترِدُ على ألسنة الشعراء وهم يفتتحون قصائدهم، نجد النماذج الآتية:

  • 12 محمد بودراع، مدونات أحمد بوزيد، أرشيف المتون الأدبية بالمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية.
  • 13 الرايس محمد، م ن.
  • 14 محمد لبصير، م ن.
  • 15 محمد بن إحيا ؤتزناخت، م ن.
  • 16 مولاي سعيد، م ن.
  • 17 حماد بيزماون، م ن.
  • 18 عثمان ؤبلعيد، مدونات أحمد المنادي، أرشيف المتون الأدبية بالمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية.
  • 19 بوبكر أنشاد، قصيدة صّبر، تسجيل بيضافون، رقم 502. 98. ب، مدونات أحمد بوزيد، م س.
  • 20 الحاج بلعيد، مدونات الحسين بن إحيا، أرشيف المتون الأدبية بالمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية.
  • 21 مبارك بن زيدا، مدونات محمد أفقير، أرشيف المتون الأدبية بالمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية.
  • 22 الحسين بن أحمد، قصيدة "لباز"، تسجيل فيستا، رقم 4304، أ/78، مدونات أحمد بوزيد، م س.
  • 23 محمد بن إحيا ؤتزناخت، م ن.
  • 24 الحسين أمزيل، مدونات أحمد بوزيد، م س.
  • 25 محمد بودراع، أركَاز د تمغارت، تسجيل بيضافون، رقم 99/ 097200. أ ب. م ن.
  • 26 لحسن أجماع في افتتاح محاورة شعرية بينه وبين عثمان أزوليض وإحيا بوقدير وأحمد عصيد، بتاريخ 20 مارس 20 (...)
  • 27 إحيا بوقدير في اقتتاح محاورة شعرية مع لحسن أجماع بتاريخ 8 يوليوز 1982. مدونات خالد المديدي، أرشيف ا (...)

1. ئدا بيسمي الله ؤرّاحمان أد ساولغ12

(باسم الله الرحمان أبدأ الكلام)

2. أ بيسمي الله أ تاوالا نْو13

(باسم الله جاء دوري)

3. بيسمي الله ؤرّاحمان ئكَا صّاواب14

(باسم الله الرحمان من أدب الكلام)

4. بيسمي الله ؤرّاحمان ؤرّاحيم نبدا سرس

ئكَا لاصل ن واوال، ئكَا سّونت ئغ ئبدا يان15

(باسم الله الرحمان الرحيم بدأنا به

هو أصل الكلام، ومن السنة البدء به)

5. ئدا بيسمي الله اد داغ يارم يان أوال16

(سأبدأ بذكر اسم الله ثم أنْظِم)

6. أ بيسمي الله أ سرس بدوغ نبدو نارم

أوّولّو غ ئضرفان أ غ نكّرز ئكَيلالن17

(باسم الله أبدأ به ثم أختبر

المحراث، كي أحرث الحقول)

7. أ بيسمي الله أ نارم أوال ئغ رخان18

(باسم الله أشرع في الكلام سهلا)

8. بيسمي الله أ راسول الله ريغ أد ساولغ

أوال زوند تامّنت، ئميم غ ئمي ن كويان

بيسمي الله أد داغ ئعدل ربي زّناد ؤبوري

أ سرسن ؤتغ ليشارت كَر مدّن أياد غ لّيغ19

(باسم الله يارسول الله أرغب في الكلام

كلاما كالعسل، حلوٌ في كل الأفواه

باسمك اللهم أصلحْ زناد بندقيتي

كي أسددها وأصيب هدفي أمام الملأ)

9. أ كّ زّورح أ والّي دار تيسورا ن لخير20

(أستفتح بك يا من عنده مفاتيح الخير)

10. أ كّنت أ سّميت ن ربّي سماساغ ئـ واوال21

(أردد اسم الله من أجل الكلام)

11. أ يا بيسمي الله ئكَا لفوتوح ن واوال

ئكَا باهرا صّاواب ئمي نّا ت ئنّان22

(باسم الله مُفتَتَح الكلام

ودليل على صواب كل من نطق به)

12. أوا بيسمي الله نوسي لقلم غ ئفاسّن23

(باسم الله نحمل اليراع في الأيدي)

13. السلام ؤعليكم أ طّالب ن لمدرست24

(سلام الله عليك يا فقيه المدرسة)

14. ئوا بيسمي ريغ أد داغ نكرز نمكَر صّابت

ئغ ئلاّ لخير أ ئزر كيوان تادلا تلكم25

(باسم الله أحرث ثم أحصد

إذا جاد الخير، كل يفرح بمحصوله)

15. أ كّ أ بيسمي الله نزّوور أر ساوالخ

ئنيخ أس ضيف الله ئـ ما ئساوالن26

(باسمك اللهم أفتتح نظم الكلام

ثم أنزل ضيفا على المتكلمين (الشعراء))

16. بيسمي الله نبدا سرسي

ريخ أ سرس بنوخ لاخبار عدلنين27

(باسم الله بدأنا به

أنشىء به طيب الأخبار)

10تشكل البسلمة في هذه العينات من الجمل الاستهلالية البنية البارزة والمهيمنة في مجمل النصوص الشعرية الشفوية، بوصفها مصدر قوة الشعر وضمانا لولادة طبيعية للعمل الإبداعي. والبسملة هنا ترِدُ بصيغتين: إما مقترضة، بحيث يدمج الشاعر البسملة بلغتها الأصلية في تعبيره الشعري، كما هو الحال في معظم الأمثلة السابقة. أو مترجمة، بحيث يستعمل الشاعر المعاني الدالة عليها باللغة الأمازيغية، بما يفيد أن الشاعر يفتتح كلامه بذكر اسم الله أولا (النموذجان 9 و10). وقد جاءت صيغة البسملة في الاستهلالات ملازمة لجملة من البنيات اللسانية الأخرى التي تحيل على القول الشعري، إنشاءً أو مقصدا أو ممارسة أو أسلوبا. يتضح ذلك من ورود دلائل لغوية تسوّغ استصحاب الشاعر البسملة في استهلالاته، وتفسّر الجانب الغائي في هذا الاختيار. ويمكننا أن نعيد صياغة هذه القضية من خلال السؤال: لماذا يلجأ الشاعر إلى استهلال عمله الشعري بالبسملة أو ما يحل محلّها من العبارات اللغوية؟ والجواب نجده في الاستهلالات السابقة عبر توظيف مجموعة من الدلائل التي تحوّلت إلى كلمات شعرية غنية بالرمز والإيحاء، وذلك بسبب تشاكلها عبر نصوص شعرية كثيرة، فصارت بمثابة معجم دلالي مرتبط بالاستهلال. ولنضرب لذلك أمثلة وردتْ في النماذج أعلاه:

- لاصل ن واوال / أصل الكلام:

11تختزن مقولة الأصل في هذا السياق معان متعددة ومتقاطعة، منها ما يحيل على المفهوم الميتافيزيقي لأصل الكلام، وما يستدعيه ذلك من كون الاستهلال بالبسملة استهلال بكلام الله الذي هو أصل كل قول، كما هو معروف في ثقافة الشاعر الدينية. ومنها ما يحيل على المعنى الأخلاقي من خلال ما يحمله مفهوم "لاصل" في أدبيات المجتمع الأمازيغي من دلالة على الأصالة والرسوخ والتجذر. فكل كلام شعري لا يُستهل بالبسملة يكون مقطوعا عن جَذره، مادامت البسملة هي الأصل الذي تتفرع عنه بقية الكلمات والأشياء. ومما يؤكد هذا المعنى استعمال المفهوم في الدلالة على أصالة المرء وحسن سلوكه بالقول "فلان ئكَا ئويس ن لاصل/ فلان من ذوي الأصول". وقد يحمل مفهوم الأصل أحيانا ما يدل على حرص الشاعر على استقامة كلامه الشعري، إذ يتصور أنه بصدد تشييد عمل فني لابد له من أسس تضمن إقامته، ومن ثم تكون البسملة أسَّ هذا القول وقاعدتَه

- صّاواب / الصّواب:

12يتصل مفهوم الصواب في الاستهلالات الشعرية بمعان كثيرة، منها ما يتعلق بالمعنى القيمي للكلمة، باعتبار البسملة في بداية الكلام تأسيسا لمفهوم الحق الذي هو نقيض الباطل. ومنها ما يرتبط بالمعنى الأخلاقي، حيث تصير البسملة في الشعر سلوكا أخلاقيا يستمد فاعليته من كونه تعبيرا عن ممارسة الشعر والتزامه بأدب الكلام. كما يمكن أن يَنزع المفهوم نحو المعاني الفنية، حين يعتقد الشاعر أن البسملة سبيل إلى القول السديد القويم، وضمان لإجادة النظْم والإصابة فيه.

- زّوور ، نْبْدا ، لفوتوح / الابتداء الافتتاح:

13تترسخ الوظيفة المركزية للبسملة في الاستهلال الشعري بوصفها المقولة الضرورية عند افتتاح كل كلام شعري، فهي السبيل لما يتلو، بتعبير أرسطو، ولا يُتصور أن يستهل الشاعر عمله الإبداعي دون المرور عبر هذه العتبة التي تُحفزه على النظْم وتمنحه القوة والشجاعة اللازمتين عند كل بداية. ولعل لفظة "لفوتوح" في مجال الثقافة الشعبية تقتضي الإشارة إلى ما تدل عليه من عوامل التحفيز المادية التي تكون مقابل تقديم خدمة أو أداء مهمة...

- تيسورا ن لخير / مفاتيح الخير:

14قد يكون اللجوء إلى استعارة هذه الصورة المجازية تعبيرا من الشاعر على الأهمية القصوى للبسملة على مستويين، الأول يتعلق بكونها شرطا لولوج الشعر، باعتبار البعد الوظيفي لكلمة تاساروت/ المفتاح. ويتعلق الثاني بالبعد القيمي للبسملة، فبعد ولوج "بيت الشعر" بفعل مفتاح البسملة، يكون بمقدور الشاعر أن يقول خيرا، والخير هنا قيمة عامة تنصب على طبيعة محتوى الخطاب الشعري وما يحمله من قيم ومعان نبيلة، كما تنصب على المستوى الأدائي من خلال العلاقة المفترضة للشاعر بالمتلقي وبما يمكن أن تجود به قريحته الشعرية.

- بْنوخ / أبني:

15باستعمال الشاعر فعلَ البناء نكون أمام وعي بأحد أضلع العمل الشعري وأهميته، يتعلق الأمر هنا بالتركيب/ تركيب العمل الشعري. فكما كانت البسملة أسّاً للكلام الشعري، تكون كذلك شرطا لبنائه وإقامة هيكله، مع ما يقتضيه البناء والتركيب من وسائل وعناصر لغوية ودلالية وفنية وإيقاعية، تتآلف في ما بينها لتبني شيئا اسمه الشعر. إنها، أي البسملة، بهذا المعنى متصلة بمهمة جليلة هي جوهر الشعر وسرّه، مادام بنيان الشعر وتركيبه قائمين عليها.

- لاخبار عدلنين / الأخبار الطيبة:

16ينطوي هذا التعبير على تصور خاص لوظيفة الشعر والغاية منه، يرتكز على البعد المعرفي في علاقة الشعر بمتلقيه. وهنا تحضر الإفادة بوصفها مقصد الشاعر وغايته، مع تخصيصها بصفة "عدلنين" التي يمكن أن تدل على طبيعة مضمون الخبر/ الإفادة ومصداقيته، كما تدل على شكله وطريقة صياغته، بحيث يستوفي مظاهر الحسن والجمال، تجعل المتلقي يتقبله ويقبل عليه. فكما يكون الحسن في محمول الشعر من معان، يكون أيضا في لفظه ومبناه.

- أرْمْ أوال / جرّب الكلام:

  • 28 في دلالة اللفظ على التجربة والاختبار، ينظر محمد شفيق، المعجم العربي الأمازيغي، مادة جرب، الجزء الأو (...)

17توظيف فعل "أرْم"28 في هذا السياق يدل على أن الشاعر بصدد تجربة إبداعية تختبر قدراته وطاقاته الابداعية وإمكاناته الفنية التي من شأنها أن تؤهله إلى تشييد قول شعري، يتحقق من خلاله المراد. وتَلازُم البسملة مع التجربة في بعض النماذج الاستهلالية، إشارة واضحة إلى أن النجاح في التجربة والاختبار الشعريين مرهون بالاستفتاح بالبسملة.

- رْخان / السهولة:

18من مقاصد الشاعر في البسملة استسهال الشعر واتقاء التوعّر والعُسر. فقولنا "أد ئرخو واوال/ أن يسهل الكلام" يعني أن يكون المتكلم فصيحا تجري على لسانه التعابير سلسة منسابة مستعذبة. فالسهولة المطلوبة هنا تكون في لغة الشعر وألفاظه كما تكون في محتوياته حين يتحرى الشاعر الوضوح في المعنى والدلالة. وبهذا المعنى تصير البسملة سلاحا وزادا يمكّن الشاعرَ من أن يُطاوعه الكلام الشعري ويَنقاد له.

- ئمّيم واوال ، زوند تامّنت / حلاوة الكلام، كحلاوة العسل:

19تحيل لفظتا "تاميمت" و"تامّنت" على جانب الذوق الذي هو مدخل من مداخل الحكم على الشعر وتقييمه ذوقيا/ النقد الذوقي. فلكي تميل النفوس إلى شعر الشاعر وتستعذبه، يلزم الابتداء بالبسملة، لأنها ضمان لذته وحلاوته.

  • 29 الشاعر رّايس الحسين بن أحمد المعرف باسم محمد أوموراك إحيحي. ينتمي للجيل الأول من الشعراء في القرن ا (...)
  • 30 أنطولوجيا الشعر الأمازيغي، ص 417.

20إن دلالات الصيغ والتعابير الشعرية السابقة، تفسر الدواعي التي تدفع بالشاعر إلى الاستفتاح بالبسملة، وتبيّن حرصه على إنتاج تجربته الشعرية في صورة يتفاعل فيها البعدان الاعتقاديُّ والجمالي. وتؤكد ذاكرة الشعر الأمازيغي أن استحضار الجانب الديني في بداية العمل الشعري لا يتعارض مع طبيعة العمل الفني، بوصفه مغامرة ذاتية فنية تنقل أشواق المبدع، بغض النظر عن طبيعة الموضوع. ويمكن الإحالة هنا على استهلال القصائد الغزلية بالبسملة أو تسمية الله، كما في مطلع قصيدة "زّين " للشاعر محمد أوموراك29 التي يصف فيها الجوانب الحسية للجمال عند المرأة، أو ما يسمى بالغزل الحسي، قائلا:30

بيسمي الله أد داغ يارم يان أوال

أرمغ ئس كَيس تلّيت أ لامان (...)

أد د نْكَ أ باب ن زّين كولّو صّيفات نّك

أ كَيس ئسّف ؤمكَرض ؤسعونت تْوالّين نّس

زّين أ ئرا د أد ربّون تيفيّي غ مْناصّ

أمّاس ن تّمي ن ؤورز أر تيملّي ن ؤفوس

(باسم الله أبدأ الكلام

أبحث فيه عن الأمان

أستعرض، أيها الجميل، كل محاسنك

طول العنق وسعة العينين

ونصف جسم يكتنز لحما

من أخمص القدم إلى بياض اليد)

التوسل بالأولياء والصلحاء

  • 31 ينظر عبد الله بونفور في حديثه عن ملامح الانتاج الشعري التقليدي:
  • 32 من أشهرهم: الشيخ محمد بن يعقوب الصنهاجي السكتاني في القرن العاشر الهجري؛ ومولاي الحاج بتاسريرت، نوا (...)
  • 33 الحسين المجاهد، مرجع سابق، ص 669.

21إن التوسّل بالأولياء في تجربة الشعر الأمازيغي يندرج في إطار الاستلهام الذي هو معطى ثابت في تجارب الشعر لدى المجتمعات الشفوية بشكل عام31. والأصل في المسألة ما ساد من اعتقاد لدى الشعراء، في تفسيرهم للظاهرة الابداعية، بأن القريظ لا يتحصّل لمن أراد أن يكون شاعرا، إلا باستلهامه من وليٍّ صالح، أو من زيارة ضريح. وقد دأب الراغبون في احتراف الشعر على تقديم الذبائح في أضرحة مخصوصة معلومة من أجل التبرّك بأوليائها الصالحين32 طلبا لسرّ الشعر ومفتاحه، إلى أن صار ذلك سلوكا واقعيا وتقليدا فنيا يَبرز على مستوى الخطاب في العمل الشعري. ولذلك ساد الاعتقاد بضرورة أن يكون لكل شاعر شيخه، أي منبع إلهامه الشعري، يستفتح به كلما همّ بنظم الشعر وقرضه، متوسلا بعطائه وبركاته، فصار شائعا "أن يتشيّخ أنظّام وأمارير حيث يربط موهبته بأحد الأولياء والصالحين يستلهمه الإبداع الغزير ويتبرك بمكرماته، ويفصح عن ذلك في ذيباجة قصائده"33. إن التشيخ في هذا المقام حالة سيكولوجية لا تقل أهمية عن ظاهرة الاستهلال بالبسملة، تنطوي على معطى غيبي غير ملموس، لكنها تكتسب مصداقيتها ومشروعيتها لدى الشاعر من خلال كونها تجربة باطنية ملهمة، ومصدرا للسلطة الابداعية ومنبعا للحكمة والخير. ويُشكل الاستهلال في الشعر الأمازيغي المجال الخصب لاستحضار هذه التجربة أو الاستلهام منها. وعلى سبيل المثال، نجد الشاعر رّايس الحاج بلعيد يستدعي الأولياء والصالحين باسمائهم ويتوسل إليهم في استهلالاته بأن يكونوا عونا له في قول الشعر:

  • 34 القصيدة 5 ص 430 الحسين بن إحيا، م س.
  • 35 القصيدة 21 ص 460 الحسين بن إحيا، م س.
  • 36 القصيدة 24 ص 468 الحسين بن إحيا، م س.

1. ئوا بيسمي أد غرخ ئـ شّيخ بنّاصر

ؤلا صّالحين، ريخ أد كولّو كَين لعوان ئنْو34

(باسم الله، أنادي الشيخ بناصر

والصالحين، أرجو عونهم جميعا)

2. أ بني يعقوب أ مولاي براهيم

أ نْغ ئكَ ربّي لعوان أشكو نحتاجّا تْ35

(يا بنيعقوب يا مولاي إبراهيم

كان الله في عوننا، فما أحوجنا إليه)

3. أ صّالحين أ سّادات أ لمولوك

ريغ أ ؤكان تحاضرم ئغ ساولغ36

(أيها الصالحون والأولوياء والملوك

أرجوكم أن تكونوا شهداء على نظمي)

22ونجد شاعرا آخر، بوبكر أنشاد، يتوسل في مستهل إحدى قصائده بالولي الصالح مولاي إبراهيم، ملتمسا منه سلاسة الشعر وغزارتَه، راجيا أن توصِله بَركة الشيخ إلى حالة من التدفق الشعري، تماما كما تتدفق المياه الغزيرة في وادي سوس دون حاجة إلى المطر:

  • 37 قصيدة "صّبر"، تسجيل بيضافون، رقم 502. 98. ب، مدونات أحمد بوزيد، م س.

أ لوالي مولاي براهيم جارا د فلاّغ

غيكاند ئجارا واسيف ن سوس كيكَان د ءامان

ؤر ئحتاجّا واسيف ن سوس أنزار ئنكَي نيت

ؤر ئحتاجا ؤليلي تيضاف ؤر كَيس ئدّعا يان37

(أيها الولي مولاي إبراهيم جُد علينا

كما يجود نهر سوس بالماء الكثير

فوادي سوس منهمرٌ لا يحتاج إلى المطر

فالدفلى لا تحتاج رقيبا، مادامت لا تستهوي أحدا)

  • 38 من مواليد سنة 1949م بدوّار تيزي ن تيلين قبيلة إداوزدّوت أيت موسي، جماعة والقاضي-ئغرم، عمالة تارودان (...)

23إن استحضار الشيخ/ الولي الصالح في الاستهلال الشعري يعدّ أمرا محوريا بالنسبة للشاعر، خاصة إذا علمنا أن الشاعر ينتمي إلى ثقافة شفوية، ويقرض شعره أمام جمهور من المتلقين والمستمعين، مما يجعله أحوج إلى الدعم النفسي وإلى التحفيز بمعناه السيكولوجي، حتى لا يرتبك أمره، أو يضعف شعره. وقد عبّر الشاعر سعيد جروري38 عن ذلك في مطلع إحدى قصائده قائلا:

  • 39 القصيدة قيلت يوم 5 غشت سنة 1979، كما نقلها الشاعر عمر إجوي، مدونات سعيد جروري، أرشيف المتون الأدبية (...)

ئوا بيسمي الله أ ئمي ساول

أ شيخ ئنو أ ئيي تْحاضرت أد ساوالغ

ئغ لّيغ غ كَر ميدّن أد ئيي تْعاونت

غ ؤماركَ ؤلا كرا د ئـ تيوي لوقت39

(باسم الله تكلّم يا فمي

يا شيخي كن حاضرا في كلامي

كن لي معينا وسط الملأ

في قول الشعر وفي كل النوازل)

24وفي السياق نفسه، نجد شاعرا آخر يستهل كلامه بالتبرك بشيخه والاستفتاح به، أملا في أن يطاوعه شعره ويَسْهل عليه، خاصة وأن الأمر يتعلق هنا بالمحاورة الشعرية، حيث تكون المواجهة مباشرة بين شاعرين وأكثر أمام جمْع من السامعين:

  • 40 استهلال للشاعر أنظّام الحسين ؤمبارك، في محاورة له مع الشاعر بن زيدا وآخرين. ويعود تاريخ المحاورة إل (...)
  • 41 مبارك بن زيدة في المحاورة المشار إليها أعلاه.

1. أ ها يّاغ داغ نبيدّ أيوا أ شّيخ ئنو لّيل أغ

أ كَّ ئمي ن تاتلت نزّور كْ أ ئرخو واوال

ئغ أك أ بني يعقوب نغرا تينيت نعام40

(يا شيخي كن بجانبي وأنا أشرع في النظم

بك يامن بإمينتاتلت أبدأ كي يسهُل الكلام

أرجوك يا بنيعقوب استجب ندائي حين أناديك)

2. أوال ن بني يعقوب ئس ت أ ربّي تنصرت

نتّان أ ئكَا ربي د لخيار ن صّالحين41

(الكلام المستهل ببنيعقوب ينصره الله

فهو من جعله الله أفضلَ الصالحين )

25ولعل هذه النماذج الاستهلالية وغيرها تؤكّد المقام الذي يحتله الشيخ المُلهم في تصور الشعراء ونظرتهم إلى العملية الإبداعية. والتوسل في هذا الباب لا يقتصر على اعتراف الشاعر بفضل الشيخ عليه، باعتباره مصدر إلهامه الأوّل، ولكن يتجاوز ذلك إلى الاعتقاد بأن الاستهلال به يمكّنه من غايات أخرى، كالاستنارة به في درب النظْم، وطلبِ الإجادة في الشعر وكثرته وسهولته، والتفوق على الخصم...

3.1.2. التوسل بالعلم والمعرفة الدينية

  • 42 نستثني هنا المعرفة المتصلة بالخبرات والمهارات العملية، التي يكتسبها الفرد عبر انخراطه في مؤسسات ذات (...)

26من مظاهر حضور المعطى الديني في الاستهلال عند الشعراء الأمازيغ، توسُّلهم بالمعرفة الدينية أو ما يتصل بها من مكونات مادية او معنوية. فإذا كان الشاعر بطبيعته ينتمي إلى مجتمع ثقافته شفوية، فإن ذلك لم يمنع من استدعاء بعض الفضاءات المعرفية وإدارجها في مطالع القصائد. ففي هذا المجتمع التقليدي اقتصر انتاج المعرفة42 على ثلاث مؤسسات:

  • لْمدرست / المدارس العلمية، باعتبارها مؤسسة مختصة في تحصيل العلوم والمعارف الدينية؛

  • زّاويتْ / الزوايا، التي تشكل مجالا للتصوف وتزكية النفوس، وتساهم في تأطير المجتمع، وخاصة المريدين، من الناحية السلوكية والأخلاقية؛

  • أسايس أو أباراز / ميدان الشعر، الذي يمثل فضاء للمعرفة الإخبارية المتصلة بأحوال المجتمع والمحيط، بجانب المعرفة الأدبية والفنية التي ترتكز على المتعة والتسلية.

  • 43 يميز المبدعون الأمازيغ بين "علم الكرْش" الذي يختص به الشعراء، و"علم الحق" الذي يمتلكه العلماء والفق (...)

27وبالرغم من أن الشعر عادة ما يُصنّف في إطار متعارض مع المعارف الدينية ومجال إنتاجها43، إلا أن ذلك لم يحلْ دون استثمار الشاعر لرموز الحقل المعرفي الديني في إبداعاته الشعرية، وخاصة في الاستهلالات. ولعل البنيات اللسانية التي تُستعمل في هذا السياق تشكّل معجما دلاليا يحيل في مجمله على المعرفة المشار إليها: لمدْرْست ، تيغري طّالب ، تالّوحت ، لقْلْم ، تادّوات ، تيرّا ، أكَمّاي ، لكوتوب...

28وقد يرتبط هذا الأسلوب في بناء الاستهلال باعتقاد البعض أن تشييد نص شعري هو بمثابة إنتاج للمعرفة، مما يستلزم الحذر من الوقوع في الزلل والحرص على الصدق. نقرأ على سبيل المثال قول بعضهم:

  • 44 الشاعر محمد بن إحيا أوتزناخت.

أوا بيسمي الله نوسي د لقلم غ ئفاسّن

ولا تادّوات ئنو أد أراغ نبدو سرك44

(باسم الله نحمل اليراع في الأيدي

ومحبرتي، كي أكتب مستهلا باسمك)

  • 45 من شعراء النصف الأول من القرن العشرين، الذين اختصوا في الشعر العاطفي والغزلي.

29ولا تمنع طبيعة موضوع القصيدة أن يستفتحها الشاعر بهذا الأسلوب، حيث نجد شاعرا آخر في قصيدة غزلية يحرص على أن تكون مقدمتها دينية، مع افتراض البعد المجازي في هذا التوظيف، كما في قصيدة ئتبيرن التي يتغزّل فيها الشاعر الحسين أمزيل45 مستهلا إياها بقوله:

  • 46 أنطولوجيا الشعر الأمازيغي، م س، ص 424.

سّالام ؤعاليكم أ طّالب ن لمدرست

ؤر نري بلا أ نسّاقرا تالّوحت ئنو دارك46

(السلام عليك يافقيه المدرسة

لا أرغب إلا في قراءة لوحي في حضْرتك)

  • 47 Bounfour, A. (1994), Le nœud de la langue, P 7.

30هكذا إذن، يقترن التوسّل بالمعطى الديني متنوّعِ التجليات، في الاستهلال الشعري بمجموعة من المعاني الدالة على العملية الشعرية، والواصفة لبعض مقاييسها، خاصة لحظة ولادتها. إننا إزاء بنيات دلالية تشاكلت عبر نصوص كثيرة فشكّلت بذلك معجما أو حقلا دلاليا خاصا بالخطاب الاستهلالي، يستمد قوته من مرجعيته الثقافية والدينية. يدلّ هذا على أن الشاعر في ممارسته الإبداعية يتفاعل مع المكونات القاعدية، بتعبير عبد الله بونفور، للنسق الثقافي العام في المجتمع47. ويمكننا التأكيد، عموما، على أن الشروط الاجتماعية والثقافية أسهمت بشكل كبير في بلورة نماذج من الاستهلالات التي تؤشر على أن المحتوى الثقافي الذي تحمله ذاكرة اللغة الأمازيغية، كان مرجعا أساسيا يستند إليه الشاعر في رسم ملامح تجربته الشعرية. فهل يعني ذلك غياب المسلك الجمالي في نسج الاستهلال الشعري عند الشعراء الأمازيغ لصالح المعطى الديني؟

البعد الجمالي

31إذا كانت المقدمات الاستهلالية فضاءات نصية يستدعي فيها الشاعر منظوره الغيبي أو الميثي تجاه العملية الإبداعية، عبر توسلاته التي أشرنا إلى نماذج منها، فإن الاستهلالات عند الشاعر الأمازيغي كانت أيضا مجالا للتعبير عن براعة الشاعر في تصريف منظوراته عبر خطاب جمالي يبسط فيه قدراته على المستوى الفني والبلاغي. فبالرغم من ضيق المساحة النصية التي يتيحها الاستهلال، إلا أن الشاعر عادة ما يُوفّق في استثمار المُتاح عبر نقْل ما يريد قوله في صور فنية مركزّة المبنى مكثّفة المعنى، انسجاما مع مقتضى الإيجاز والتركيز الذي يفرضه المقام الشعري. ومن نماذج الصور البلاغية التي تؤكذ ما ذهبنا إليه، نجد الصورة التي عقّب بها الشاعر بوبكر أنشاد على البسملة في استهلاله لقصيدة "صّبر" قائلا:

  • 48 أبوري، البوري، نوع من البنادق المستعملة في القنص أو الفروسية أوالحرب.

بيسمي الله أد أغ ئعدل ربّي زّناد ئـ وبوري48

أ سرسن ؤتغ ليشارت كَر مدّن أياد غ لّيغ

(باسمك اللهم أصلح زناد بندقيتي

كي أسددها وأصيب هدفي أمام الملأ)

32تتشكّل هذه الصورة المعبّر بها في الاستهلال من عناصر لسانية تحيل على حقل السلاح المستعمل في القنص أو الحرب، لكنها تتجاوز دلالاتِها اللغويةَ لتأخذ أبعادا رمزية إيحائية:

  • زّناد/ الزناد: إشارة إلى البداية والجاهزية لإطلاق الذخيرة. توازيها لحظة الاستهلال وافتتاح النظْم؛

  • ؤتْغ/ فعْل الإطلاق، إطلاق الذخيرة تجاه الهدف. يوازيه انطلاق فعل النظْم؛

  • ليشارت/ الإشارة، نوْع الذخيرة المُصَوّبة نحو الهدف. يوازيها جودة القول الشعري القائم على الرمز والإشارة؛

  • كَر مدّن/ فضاء عملية القنص أو المعركة. يوازيه المتلقون للشعر في الميدان. وفي تحديد هذا الفضاء ينزاح بنا الشاعر عن الصورة المجازية إلى الصورة الحقيقية التي هي لحظة ولادة العملية الشعرية، وليس لحظة إطلاق الذخيرة. فالشاعر يكشف هنا عن الهدف الذي صوّب نحوه سلاحه الشعري، إنه المتلقي الذي يحرص الشاعر على إمتاعه بالجيّد من القول.

33هكذا يضعنا هذا الاستهلال أمام صورة مبنية على تقابل ضمني بين مشهدين:

34تستمد الصورة فعاليتها من مرجعيتها الواقعية المحسوسة. فالشاعر يرسم عملية الابداع والتلقي في هيئة مادية محسوسة مستقاة من الواقع المعيش للإنسان في محيطه (فضاء القنص.المعركة/الفروسية)، مع ما تحمله الصورة من دلالة على الشهامة والرجولة، وما تحمله من قيم النبل في ثقافة المجتمع الأمازيغي. إن قيمة هذه الصورة يمكن الاستدلال عليها بالنقيض: لنتخيّل أن الفارس/المحارب/القناص، حين يضغط على زناد بندقيته ليطلق الرصاص، فإذا بالزناد يتعطّل ويتوقف عن وظيفته، أو يحصل ارتباك أثناء عملية الضغط، ما الذي سيحدث بعد ذلك؟ لنتصور موقف المحارب في هذه اللحظة وحالته النفسية، إنها حالة من الانكسار والإحباط، وربما تُشكّل اللحظةُ لحظةَ النهاية بالنسبة إليه. فإما أن رجولته ستنهار إذا تعلق الأمر بالقنص أو الفروسية، وإما أن مصيره الموت إذا كان الأمرُ أمرَ قتال وحرب. إن هذا الموقف المنكسر هو ما يخشاه الشاعر حين يقف أمام مستمعيه، وربما يكون في مواجهة شعراء آخرين. حالة نفسية رهيبة تلك التي تصوَّرها الشاعر وهو في معركة النظم الشعري.

35وفي السياق الجمالي ذاته، تندرج افتتاحية الشاعر حْماد بيزماون لإحدى قصائده قائلا:

  • 49 عمر أمرير، الشعر المغربي الأمازيغي، ص 139.

أ بيسمي الله أ سرس بدوغ نبدو نارم

أوّولّو غ ئضرفان أ غ نْكّرز ئكَيلالن49

(باسم الله أبدأ به ثم أختبر

المحراث، كي أحرث الحقول)

36فالبعد الجمالي يحضر في هذه المطلع عبر توظيف صورة شعرية مستمدة من بيئة الشاعر ومجاله الحيوي، تتشكّل من ثلاثة عناصر لغوية:

37أوّولّو/المحراث + ئضرفان/ الحقول + نكّرز/ فعل الحرث

38تتحول هذه العناصر في تلازُمها، إلى رمز دالّ على عملية الحرث، بما تحمله من معاني الخصوبة والإنتاج. فإذا كان الحرث حاجة حيوية بالنسبة للإنسان بوصفه مصدرا للعيش وللاستمرار (الحاجة البيولوجية)، فإنه في التوظيف الشعري، يرتقي إلى مقامات دلالية أخرى تتصل بحاجات الإنسان الغريزية والنفسية (الدلالة على الزواج، خصوبة المرأة...)، كما تتصل بالحاجات الفنية والجمالية (نظْم الشعر) كما تشهد على ذلك الذاكرة الشعرية الأمازيغية. فالشاعر في هذه الصورة أقام تقابلا ضمنيا بين عمليتين: عملية حرْث الأرض، وعملية نظْم الشعر، وكلتاهما محكومة بمقصد الإنتاج، إنتاج الغلة (الحاجة البيولوجية) وإنتاج المعنى (الحاجة الجمالية).

39ويمكن التأكيد على أن مُنجَز الشعر الأمازيغي الشفوي حافل بالاستهلالات التي تزاوج بين المدخل الديني عموما، متمثلا في ما سبق إيراده، وبين الحس الجمالي القائم على التفنن في التصوير والترميز، مما يجعل البدايات والمطالع محطات شعرية لا تقل قيمة وخطورة عن باقي أقسام العمل الشعري وأجزائه.

البعد التداولي

  • 50 بخصوص التداولية في علاقتها بالبعد الثقافي، يمكن الرجوع إلى محمد أديوان في كتابه النص والمنهج.

40يكتسي البعد التداولي في سجل الشعر الأمازيغي الشفوي أهمية قصوى، باعتباره ينم عن وعي الشاعر بطبيعة العمل الفني الذي هو عمل تواصلي، تواصل مع الذات ومع العالم الخارجي للذات. يتجسد هذا الوعي انطلاقا من الاعتبار الذي يوليه المبدع لمكونات العملية التواصلية أثناء الإبداع، مما يعزز مكانة الجانب التداولي في النص الإبداعي50 بجانب المكونات الأخرى التي تجعل من الشعر شعرا. ومن الطبعي أن يشكل الاستهلال أحد المداخل الأساسية التي تُبرز البعد التداولي ومدى حضوره في الشعر الأمازيغي الشفوي، بما هو منطلق الاتصال والتواصل بين الشاعر والمتلقي. ويمكن التأكيد على أن المقدمة الاستهلالية في النماذج الشعرية المطروقة تنهض بمجموعة من الوظائف وفقا للعناصر الأساسية للخطاطة التواصلية:

المرسل/ الشاعر

الرسالة/الإبداع

المتلقي

القدرة على التحمل

نجاح التجربة

التأثير والتواصل

تجدد الطاقة النفسية

جودة العمل

القبول والنفاذ

التحفيز والإلهام

الإصابة في القول

الاستمالة والجلب

تفتق الموهبة الشعرية

الاستعطاف

41ولو عدنا إلى الحقول المعجمية التي استخلصناها في الفقرات السابقة، سنجد أن الشاعر الأمازيغي لم يكن يَنْظم الشعر منعزلا عن سياقه (سياق التلقي)، بل كان يضع نصب عينيه مقتضيات الفعل التواصلي وما يستلزمه من مراعاة للشروط الضرورية لتحقيق التواصل المطلوب. ولذلك جاءت استهلالاته (أي الشاعر الأمازيغي بشكل عام) مختزنة للمعاني والعبارات التي تفيد حرصه على فعالية خطابه الشعري ومن ثم الوصول إلى الغاية التي من أجلها يخوض غمار النظْم. إن الاستهلال هاهنا متعدد الوظائف، فعلى مستوى المرسل/الشاعر تمثل بدايةُ العمل الشعري المحطةَ التي يتزود فيها الشاعر بالمعاني التي تحفزه على النظم، وتهيء له المجال لتفجير طاقته الإبداعية، والثبات أمام الخصم (إذا تعلق الأمر بالمحاورات الشعرية) وأمام المتلقين. ولذلك يجد المبدع نفسَه مَحُوجا إلى التوسل بالمعطى الديني في تجلياته المختلفة (البسملة، التصلية، التسليم، التبرّك بالأولياء والصالحين...)، اعتبارا لما في الأمر من خطورة لا تستقيم مواجهتها إلا بخطاب ميتالغوي مطبوع بدلالات القدسية المشتركة بينه وبين المتلقين. وعلى مستوى الرسالة/الإبداع، فلا يقل حرص الشاعر عن السابق، إذ يرمي من وراء الاستهلال إلى التوسل بما يضمن نفعية شعره وجودتَه، ويؤمّن تفوّقَه على أقرانه من الشعراء.

  • 51 ينظر، محمد مفتاح، التلقي والتأويل مقاربة نسقية. وأيضا:
  • 52 ينظر روبرت شولز في كتابه "السيمياء والتأويل"، ص 45.
  • 53 القاضي عبد العزيز الجرجاني، الوساطة بين المتنبي وخصومه، ص 51.

42أما على مستوى التلقي، فإن الاستهلالات الشعرية تدلنا على اقتناع الشاعر بأن القوة التداولية لكلامه الشعري لا تحصل إلا في حدود ما تُحدثه عباراته ومعانيه الشعرية من تأثر وتأثير في المتلقين، أي أننا بإزاء خطاب يؤسس لعلاقات تواصلية بين المبدع والمتلقي، مما يعني أن رهان التلقي يعدّ تحديا وامتحانا للشاعر، فإما أن يكسب الأمر فيتحقق التواصل في بُعده التداولي، وإما ان يفشل فتنهار العملية الشعرية وهي في لحظة البداية. ورُبّ سائل يقول: لماذا يحتل المتلقي هذه المكانة المهيبة لدى الشاعر الأمازيغي؟ إن الأمر هنا يتعلق بنوع المتلقي وماهيته51، فخطاب الشاعر، بتعبير أرسطو، ليس موجها إلى سامع مثالي، بل إلى سامع نجده في الواقع. فنحن إذن لسنا أمام متلق مفترض، بل أمام متلق حقيقي، مستمع متفاعل ومشارك، بحُكم طبيعة الشعر الشفوي الغنائية والإنشادية. إن الشاعر في هذا السياق يراهن على جلب انتباه المتلقي وإثارة حفيظته حتى يجعله منخرطا في العملية الإبداعية تفاعلا واستمتاعا، مما يقتضي توظيف كل ما يتيحه السياق من إمكانات لغوية (الكلام الحسن والتعبير الشيق) وأدائية (الصوت والآلة) باعتبار أننا أمام عملية تواصلية تنفتح على الأشكال اللغوية وعلى الأنساق غير اللغوية (الإيماء والحركة والرقص)52. فرهان التلقي تحدٍّ يزيد من متاعب الشاعر، ويُرغمه على الاجتهاد لنيل رضى المتلقين والاستئثار بإعجابهم. وقديما عبّر أحد النقاد عن هذا المعنى في قوله "على الشاعر الحاذق أن يجتهد في تحسين الاستهلال والتخلص وبعدها الخاتمة، فإنها المواقف التي تستعطف أسماع الجمهور، وتستميلهم إلى الإصغاء"53. فالاستهلال بهذا المعنى له موقع جوهري ضمن استراتيجية تلقي النص الشعري، فكما أنه يؤسس لما سيأتي من كلام شعري فإنه أيضا يؤسس للعلاقة المفترضة بين الشاعر والمتلقي. ومن هذا المنطلق يحضر المتلقي في بنية الاستهلال الشعري، من خلال النماذج الشعرية الأمازيغية، بصيغ وتجليات مختلفة أهمها:

  • اعتماد ضمير المخاطب (مفردا أو جمعا)، حيث يوجه الشاعر منذ بالبداية خطابه إلى المتلقي بشكل مباشر، بالتحية أو الإشادة أو الاستمالة...؛

  • توظيف المشترك القدسي أو المشترك الوجداني بين الشاعر والمتلقي، اعتبارا لما في الأمر من تأثير في النفوس، وتهيئة للأجواء، وفي ذلك ملاءَمة للاستهلال مع الذوق والعرف الاجتماعيين؛

  • استعمال الصيغ والعبارات الدالة على تذوق الشعر وحلاوته، مما يؤكد إدراك الشاعر ووعيه بالبعد الوظيفي للعمل الشعري (تحقيق متعة التلقي).

    • 54 بخصوص أفعال الكلام في الشعر الشفوي، ينظر:

    توظيف أفعال الكلام، بوصفها من سمات الإبداع الشفوي54، والتي يخاطب من خلالها الشاعر المتلقي قصد إحداث الأثر فيه، وتوجيهه في سياق التواصل الإبداعي.

43إن الرهان على المتلقي في تجربة الشعر الأمازيغي الشفوي، نابع من كون القانون الذي يحكم نظْم الشعر وتلقيه يمنح له، أي للمتلقي، "صلاحية" أو سلطة واسعة في الحكم على العمل الإبداعي، وتحديد مستقبله، ومن ثم تعْلو قيمته أو تتهاوى، حسب استجابة المتلقي وتقييمه لهذا العمل. إن للمتلقي دورا حاسما في تحديد مصير العمل الإبداعي، فاستحسانه إياه يمنحه سلطة تجعله ينتشر ويتوسع متجاوزا المجال الإيكولوجي لقبيلة الشاعر أو قريته، وبتعبير آخر، فالمتلقي هو الضامن لاستمرار النص وبقائه، وهذا هو السرّ في العناية التي يحظى بها من قِبل الشاعر.

3. تناصية الاستهلال

  • 55 حوْل مفهوم التناص، يُنظر محمد مفتاح في كتابه "تحليل الخطاب الشعري، استراتيجية التناص، ص 119 وما بعد (...)
  • 56 ينظر، أحمد المنادي، الإلهام والتلقي في الشعر الأمازيغي، ص 35.

44نستعير هنا مفهوم التناص55 لإثارة مسألة التعالق (الدخول في علاقة) بين نصوص الشعر الأمازيغي على مستوى الاستهلال. فالملاحظ أن هذا الشعر يبني استهلالاته وفق صيغة معرفية واحدة، تكاد تشكّل لازمة في كثير من النصوص، بفعل التناص الذي يحصل بين شعر وآخر. فإذا كان لجوء الشاعر إلى توظيف النماذج التي ذكرناها من الاستهلالات يستند إلى مبررات نفسية وثقافية واجتماعية، فإن تناصية الاستهلال في معناه ومبناه يجعلنا نفترض مبررا آخر له بعد فني، ويتعلق بحرص الشاعر على مراعاة الأعراف الفنية الخاصة بنظم الشعر. وعليه يمكن القول إن تعالق الاستهلالات وإعادة إنتاج بعضها لبعض في أحيان كثيرة، يؤكد فرضية انتقال صيغ الاستهلال أعلاه من مجرد افتتاح للعمل الشعري بمعان وعبارات مألوفة، إلى كونها نماذج بنائية صارت جزءا أساسيا مما يمكن تسميته بعمود الشعر الأمازيغي56. لقد تحولت بعض الجمل الاستهلالية إلى بنيات ملازمة للنصوص الشعرية، تتوالد فيها بشكل تكراري إلى الحد الذي يجعلنا في بعض الأحيان أمام إعادة إنتاج لاستهلالات سابقة.

45ويمكن التمييز في سياقنا هذا بين نوعين من التناص، تناص كلي وتناص جزئي. فأما التناص الكلي فيُراد منه إعادة إنتاج استهلالات بشكل تُستدعى فيه مقاطع وأبيات شعرية يكون التصرف فيها محدودا كما في الاستهلالين الآتيين:

  • 57 م ن، ص 98.
  • 58 Justinard, Textes chleuh de l’Oued Nfis نقلا عن عمر أمرير، رموز الشعر الأمازيغي وتأثرها بالإسلام، ص (...)

أ سيدي حْساين بدّ ئـ رّوا نو سْنْمال اتْ

غمك أد ئنْمالا ئد ّنْ لْحايْك ف ؤغانيم57

(يا سيدي حساين أرجوك المدد لينتظم دراسي

كما انتظمت خيوط سدى الحائك على قصبة النول)

أ لالاّ عزيزا بيدّ ئـ رّوا نو سْنْميل ئتْ

مك أد ئنْمالا ووزّال ف ئمي ن لمنشار

مك أد ئنْمالا ئد ؤ حايْك ف ؤغانيم58

(يا لالاّ عزيزة أرجوك المدد لينتظم دراسي

كما انتظمت أسنان منشار الحديد

وكما انتظمت خيوط سدى الحائك على قصبة النول)

46وأما التناص الجزئي، فنقصد به الاستهلالات التي تتعالق في ما بينها على مستوى المعاني أو بعض الجمل الشعرية. وقد رصدنا هذا في كثير من مطالع النصوص الشعرية الأمازيغية، نذْكر منها على سبيل المثال التناص بين استهلالين أحدها لمحمد بن إحيا ؤتزناخت والآخر للمهدي بنمبارك:

  • 59 محمد بن إحيا ؤتزناخت.
  • 60 مطلع قصيدة الشاعر المهدي بن مبارك بعنوان "أسايس". المتون المدونة بأرشيف مركز الدراسات الفنية والتعا (...)

أوا بيسمي الله نوسي لقلم غ ئفاسّن59

(باسم الله نحمل اليراع في الأيدي)

أ بيسمي الله نوسي د لقلوم أد كَمّيغ60

(باسمك اللهم أحمل اليراع وأشرع في تعلم القراءة)

47كما نذْكر أيضا التناص بين ثلاثة استهلالات على مستوى المعاني والدلالات الجزئية:

  • 61 محمد بودراع، أركَاز د تمغارت، تسجيل بيضافون، رقم 99/ 097200. مدونات أحمد بوزيد، م س.
  • 62 مطلع قصيدة أكَالو للشاعر المهدي بن مبارك، م س.
  • 63 حماد بيزماون، م س.

ئوا بيسمي ريغ أد داغ نكرز نمكَر صّابت

ئغ ئلاّ لخير أ ئزر كيوان تادلا تلكم61

(باسم الله أحرث ثم أحصد

إذا جاد الخير، كل يفرح بمحصوله)

بيسمي الله ؤسيغ أكَالّو ؤكان نكرز لخير

نضالب ئـ ربي أد ئكمّل صّابت أ يوجاد لْخير62

(باسم الله أحمل المحراث، أحرث به الخير

أسألك اللهم أن تبارك في السنابل ليكثر الخير)

أ بيسمي الله أ سرس بدوغ نبدو نارم

أوّولّو غ ئضرفان أ غ نكّرز ئكَيلالن63

(باسم الله أبدأ به ثم أختبر

المحراث، كي أحرث الحقول)

48إن أهمية التناص في استهلالات الشعر الأمازيغي تنبع من كونه يمثل جانبا من جوانب سيرورة تشكّل البنيات الدلالية والنصية للمطلع في منظومة الإبداع الشعري الأمازيغي، على اعتبار أن النص الإبداعي وليد تجارب تتراكم عبر الممارسة الممتدة في الزمن والمجال. فكلما تواترت الأشكال والصيغ نفسُها في نماذج نصية كثيرة، كان ذلك مدعاة للشعراء اللاحقين إلى السير على نهج السابقين في طريقة بنائهم وإنشائهم لأعمالهم الإبداعية.

49وإجمالا، يمكن التأكيد على أن تناصية الاستهلال في الشعر الأمازيغي تنطوي على جملة استنتاجات، يمكن تلخيصها في الآتي:

  • إن التناص في استهلالات الشعر الأمازيغي يعكس وعي الشاعر بأهمية السير على نهج فني محدد ضمن سيرورة تراكمية تتشكل عبرها هوية النص الشعري الأمازيغي وتاريخُه؛

    • 64 Bounfour, A. (1994), Le nœud de la langue, p81.

    التناص إعلان عن تفاعل الشاعر القصدي مع نصوص قبْلية، هو إقرار واعتراف بالآخر، وأنْ لا شي ينطلق من فراغ، وهو ما يتوافق مع الأطروحة التي تؤكد أن تاريخ الشعرية يفيد بتأثير النصوص في بعضها، وأن على المتلقي تحديد أو إدراك الأثر الذي يخلفه نص إبداعي في آخر64؛

  • انفتاح الاستهلالات على بعْضها، عبر آليات الحوار والتناص.

4. في تأويل الاستهلال

  • 65 عبد الله هرهار، أحيدوس طقس يروي المعركة، مجلة زمان، ع 4، س 2014، ص 78.

50إن الاستهلال بالصيغ التي يرِدُ بها في الشعر الأمازيغي يُعد صورة من صور انعكاس المجتمع في النص. فكما أن الممارسات والتقاليد اليومية لها بداياتها كما في الصناعة والزراعة والحرف والمعاملات وغير ذلك، فإن للشعر أيضا بدايته التي تحْكي عن بنيات ذهنية وثقافية سائدة في المجتمع. فلا يمكن بأي حال أن نَفصل بين العمل الابداعي وبين مُنتجه فردا أو جماعة، ذلك أن الإبداع الشعري في مجتمعنا المتسم بالثقافة الشفوية "لا يخرج عن سياق الفعل اليومي المعتاد، بل هو فعل يحايثه ليشكّل لحظة أو لحظات قد ترسم للجماعة المبدعة ديمومتها عبر لغة الكلام أو لغة الرقص"65. فبالإضافة إلى ما يحمله الاستهلال من معان نفسية وفنية، فإنه ينطوي أيضا على وجود آصرة تربطه بالمجتمع وتركيبته الثقافية، كما هو الحال، إذا جازت المقارنة، بالنسبة للمقدمات الطللية في الشعر العربي القديم، والتي ترتبط بشكل جذري بتركيبة المجتمع العربي في الصحراء وما تفرضه من إكراهات سرعان ما تجد طريقها إلى الشعر من خلال المطالع والمقدمات.

51إننا إزاء تقاليد وأعراف فنية تأسست بالتواتر عبر أجيال الشعراء، تكتسي طابعها الاجتماعي عبْر محمولاتها الدلالية القائمة على توظيف جزء من الميراث الثقافي للمجتمع، وتصريفه بشكل فني من خلال النص الشعري. ومما يعضد الترابط بين النص والمجتمع في سياق الشعر الأمازيغي، أن الابداع الشعري يبدأ إنتاجا فرديا ثم سرعان ما ينتقل إلى أن يصبح إنتاجا جماعيا، تتلقاه الأسماع وتتناقله الألسن، مع ما يعنيه ذلك من إمكانيات تأثير المتلقين في ما ينقلونه عن الشاعر. ويمكننا أن نصف نماذج الاستهلالات المدروسة بكونها استهلالات ثقافية واجتماعية، لكونها تحيل على خارج النص (السياق الثقافي والاجتماعي) أكثر مما تحيل على النص، ومن ثم يكون هذا الجزء من العمل الشعري جزءا من تاريخ المجتمع.

خاتمة

52إن بناء أحكام فنية عامة وموضوعية يقتضي الانطلاق من دراسة مستوفية، تستقصي مجمل ما أنتجته قريحة الشعراء الأمازيغ، وهو ما لم ندّعِه في هذا المقالة. وحسبنا في هذه الخاتمة أن نقرّ جملة من الخلاصات التي أسعفتنا النصوص المدروسة في استنتاجها:

53أولا: ينمّ تعاطي الشعراء مع مطالع نصوصهم الشعرية عن وجود وعْي بأهمية الاستهلال ودوره في تَشَكّل العمل الفني. يتضح ذلك من خلال حرصهم على التزام الأعراف الفنية الموروثة في هذا الباب. مما يعني أن الشاعر ينطلق في نَظمه من نموذج مسبق ارتسمت سننه وقوانينه في ذهنه، فصار يقرض على نهجها وطريقتها.

54ثانيا: إن التراكم الذي حصل في إنتاج هذه النصوص أسّس لطريقة أو أسلوب مخصوص في بناء الاستهلالات، يعكس من جهة، ثقافة الشاعر المشدودة إلى نسق التفكير التقليدي السائد في المجتمع، ومن جهة أخرى يعكس ذهنية المجتمع وتقاليده الأخلاقية والفنية، والمرجعيات التي يستمد منها قيمه وتمثلاته.

55ثالثا: قد يبدو في ظاهر الأمر أن الاستهلال، كما عرضناه، بنيةٌ مستقلةٌ منفصلة عن باقي العمل الشعري، إلا أنه رغم كونه يكتفي بحدوده التعبيرية فإنه جزء داخل الكلّ، لا يستقيم عزله عن بقية الأجزاء، لأن الإبداع بمثابة نسيج تمتد خيوطه لتربط بين أوله وآخره، مما يفترض وجود الوحدة العضوية بين أجزاء النص وإنْ كان مستقلا ببنائه الدلالي. وهذا يقتضي مزيدا من البحث في تجليات الاتصال بين مكونات النص الشعري الأمازيغي، وأشكال الانتقال والتخلص من جزء إلى الذي يليه.

56رابعا: اقتران الاستهلال بالبعد الوظيفي، من خلال الوظائف النفسية والتواصلية التي يراهن عليها الشاعر في مطلع عمله الشعري. فبالإضافة إلى أن التجربة الشعرية راكمت، كما أشرنا، سَننا لبنيات الاستهلال في الشعر الأمازيغي، فإنها أيضا شكّلت أفق انتظار المتلقي وتوقعاته تجاه العمل الشعري، أي أننا أمام ميثاق للتلقي، يحْكم العلاقة بين الطرفين أثناء عملية النظْم.

57أديوان، محمد (2002)، الثقافة الشعبية المغربية: الذاكرة والمجال والمجتمع، الرباط، مطبعة سلمى.

Haut de page

Bibliographie

أديوان، محمد (2006)، النص والمنهج، ط1، الرباط، دار الأمان للنشر والتوزيع.

أرسطو، طاليس (1979)، الخطابة، ت. عبد الرحمان بدوي، بيروت، وكالة المطبوعات بالكويت ودار القلم.

أزضوض، إدريس (مشرف)، (2011)، أنطولوجيا الشعر الأمازيغي، منشورات المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، الرباط، مطبعة المعارف الجدييدة.

أمرير، عمر (1975)، الشعر المغربي الأمازيغي، ط 1، الدار البيضاء، دار الكتاب.

أمرير، عمر (1985)، الشعر الأمازيغي المنسوب إلى سيدي حمو الطالب، الدار البيضاء.

أمرير، عمر (2003)، رموز الشعر الأمازيغي وتأثرها بالإسلام، ط 1، الرباط، مكتبة دار السلام.

الجرجاني، القاضي عبد العزيز(2006)، الوساطة بين المتنبي وخصومه، تحقيق أبو الفضل إبراهيم وعلي محمد البجاوي،ط 1، بيروت، المكتبة العصرية.

شفيق، محمد (1993)، المعجم العربي الأمازيغي، الجزء الأول، الدار البيضاء، مطبوعات أكاديمية المملكة المغربية، مطبعة الفن التاسع.

شولز، روبرت (1994)، السيمياء والتأويل، ترجمة سعيد الغانمي، بيروت، المؤسسة العربية للدراسات والنشر.

العسكري، أبو هلال العسكري (1952)، كتاب الصناعتين، تحقيق علي محمد البيجاوي ومحمد أبو الفضل إبراهيم، ط 1، القاهرة، دار إحياء الكتاب

القيرواني، ابن رشيق (1963)، العمدة في محاسن الشعر وآدابه ونقده، تحقيق محيي الدين عبد الحميد، ط 3، القاهرة، المكتبة التجارية الكبرى.

المجاهد الحسين (1989)، مادة "أماركَ"، معلمة المغرب، ج 2، مطابع سلا.

مفتاح، محمد (1992)، تحليل الخطاب الشعري، استراتيجية التناص، ط 2، الدار البيضاء، المركز الثقافي العربي.

مفتاح، محمد (1994)، التلقي والتأويل مقاربة نسقية، ط 1، الدار البيضاء، المركز الثقافي العربي.

المنادي، أحمد (2011)، الإلهام والتلقي في الشعر الأمازيغي، منشورات المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، الرباط، مطبعة المعارف الجديدة.

هرهار، عبد الله (2014)، "أحيدوس طقس يروي المعركة"، مجلة زمان، ع 4، س 2014،78-81.

Basset, H. (2001), Essai sur la littérature des berbères, préface A. Boukous, Paris, éd Awal.

Bounfour, A. (1994), Le nœud de la langue, langue, littérature et société au Maghreb, Aix-en-Provence, Edisud.

Bounfour, A. (1999), Introduction à la littérature berbère, 1. La poésie, Paris, éd. Peeters.

Bounfour, A. (2005), Introduction à la littérature berbère, 2. Le récit hagiologique, Paris, éd. Peeters.

Jauss, H.R. (1978), Pour une esthétique de la réception, Paris, collection bibliothèque des idées, éd. Gallimard.

Zumthor, P. (1983), Introduction à la poésie orale, Paris, éd. du Seuil.

Haut de page

Notes

1 نشير هنا إلى أن بعض الأنواع الشعرية التي لا تخضع للتوزيع المشار إليه، مثل شعر ئزلان الذي بطبيعته الشكلية قصير لا يتجاوز بيتين من الشعر، أو الأنواع المتصلة بالمناسبات الاجتماعية أو الفلاحية كالأشعار المأثورة في العقيقة والزواج.

2 ينصب اهتمامنا في هذا المقال على الاستهلال، توسيعا لفكرة أشرنا إليها في عمل سابق مفادها أن ثمة حاجة إلى دراسة موسعة للاستهلالات في الشعر الأمازيغي قصد الوقوف على قوالبها الفنية وما تختص به من مميزات دلالية وجمالية (الإلهام والتلقي في الشعر الأمازيغي، ص 36). أما بقية العناصر الأخرى فستكون موضوعا لمقالات قادمة.

3 قمنا بتعريب معاني هذه النماذج الشعرية المعتمدة في التحليل لتقريبها إلى القاريء الذي لا يلمّ بالأمازيغية.

4 من المؤكد أن تراثا هائلا من الشعر الشفوي الأمازيغي ضاع بفعل التحديات التي تواجه الرواية الشفوية. كما أن عملية جمع هذا الشعر وتدوينه لم تبدأ إلا في مرحلة متأخرة، وتحديدا في القرن العشرين.

5 نشير هنا إلى أن أقدم المقطوعات الشعرية التي بلغتْنا تعود إلى القرن الثامن عشر للميلاد، للشاعر سيدي حمّو الطالب، إذا استثنيا المنظومات الشعرية التعليمية في المجال الديني، والتي ألفها الفقهاء والعلماء بالأمازيغية. يُنظر كتاب عمر أمرير، الشعر الأمازيغي المنسوب إلى سيدي حمو الطالب.

6 أرسطو طاليس، الخطابة، ص 230.

7 يقول ابن رشيق في هذا الصدد: "وكانت العرب تعدّ القصيدة قفلا أوله مفتاحه"، ينظر ابن رشيق، العمدة في محاسن الشعر وآدابه ونقده، ج 1 ص 217.

8 أبو هلال العسكري، كتاب الصناعتين، ص 431.

9 المقصود هنا الشعر التقليدي الشفوي الغنائي، ولا نقصد مطلق الشعر الأمازيغي.

10 شيوخ الزوايا والأولياء الصالحون. عن دورهم في مسارات الشعراء الأمازيغ، ينظر: الإلهام والتلقي في الشعر الأمازيغي، ص 18 وما بعدها.

11 الحسين المجاهد، معلمة المغرب، ج 2، مادة "أماركَ"، ص 669.

12 محمد بودراع، مدونات أحمد بوزيد، أرشيف المتون الأدبية بالمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية.

13 الرايس محمد، م ن.

14 محمد لبصير، م ن.

15 محمد بن إحيا ؤتزناخت، م ن.

16 مولاي سعيد، م ن.

17 حماد بيزماون، م ن.

18 عثمان ؤبلعيد، مدونات أحمد المنادي، أرشيف المتون الأدبية بالمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية.

19 بوبكر أنشاد، قصيدة صّبر، تسجيل بيضافون، رقم 502. 98. ب، مدونات أحمد بوزيد، م س.

20 الحاج بلعيد، مدونات الحسين بن إحيا، أرشيف المتون الأدبية بالمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية.

21 مبارك بن زيدا، مدونات محمد أفقير، أرشيف المتون الأدبية بالمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية.

22 الحسين بن أحمد، قصيدة "لباز"، تسجيل فيستا، رقم 4304، أ/78، مدونات أحمد بوزيد، م س.

23 محمد بن إحيا ؤتزناخت، م ن.

24 الحسين أمزيل، مدونات أحمد بوزيد، م س.

25 محمد بودراع، أركَاز د تمغارت، تسجيل بيضافون، رقم 99/ 097200. أ ب. م ن.

26 لحسن أجماع في افتتاح محاورة شعرية بينه وبين عثمان أزوليض وإحيا بوقدير وأحمد عصيد، بتاريخ 20 مارس 2000. ينظر مدونات خالد المديدي، أرشيف المتون الأدبية بالمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية.

27 إحيا بوقدير في اقتتاح محاورة شعرية مع لحسن أجماع بتاريخ 8 يوليوز 1982. مدونات خالد المديدي، أرشيف المتون الأدبية بالمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية.

28 في دلالة اللفظ على التجربة والاختبار، ينظر محمد شفيق، المعجم العربي الأمازيغي، مادة جرب، الجزء الأول، ص 217.

29 الشاعر رّايس الحسين بن أحمد المعرف باسم محمد أوموراك إحيحي. ينتمي للجيل الأول من الشعراء في القرن العشرين. لم يصلنا من إبداعاته إلا نصوص شعرية نادرة لا تتجاوز العشرين، ومعظمها أعاد غناءه كثير من الشعراء ورّوايس بعد وفاته.

30 أنطولوجيا الشعر الأمازيغي، ص 417.

31 ينظر عبد الله بونفور في حديثه عن ملامح الانتاج الشعري التقليدي:

Bounfour, A. (1999), Introduction à la littérature berbère, 1. La poésie, p 40.

وأيضا، : أحمد المنادي، الإلهام والتلقي في الشعر الأمازيغي.

32 من أشهرهم: الشيخ محمد بن يعقوب الصنهاجي السكتاني في القرن العاشر الهجري؛ ومولاي الحاج بتاسريرت، نواحي تافراوت؛ ومحمد بن الناصر مؤسس الزاوية الناصرية المتوفى سنة 1675م؛ ومولاي إبراهيم المعروف بطير الجبل، حفيد مؤسس زاوية تامصلوحت في القرن السابع عشر للميلاد؛ ولالاّ عزيزة السكسيوية بئسكساون...

33 الحسين المجاهد، مرجع سابق، ص 669.

34 القصيدة 5 ص 430 الحسين بن إحيا، م س.

35 القصيدة 21 ص 460 الحسين بن إحيا، م س.

36 القصيدة 24 ص 468 الحسين بن إحيا، م س.

37 قصيدة "صّبر"، تسجيل بيضافون، رقم 502. 98. ب، مدونات أحمد بوزيد، م س.

38 من مواليد سنة 1949م بدوّار تيزي ن تيلين قبيلة إداوزدّوت أيت موسي، جماعة والقاضي-ئغرم، عمالة تارودانت.

39 القصيدة قيلت يوم 5 غشت سنة 1979، كما نقلها الشاعر عمر إجوي، مدونات سعيد جروري، أرشيف المتون الأدبية بالمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية.

40 استهلال للشاعر أنظّام الحسين ؤمبارك، في محاورة له مع الشاعر بن زيدا وآخرين. ويعود تاريخ المحاورة إلى سنة 1972 حسب رواية الباحث إبراهيم أوبلا. يُنظر مدونات إبراهيم أوبلا في أرشيف المتون الأدبية بالمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية.

41 مبارك بن زيدة في المحاورة المشار إليها أعلاه.

42 نستثني هنا المعرفة المتصلة بالخبرات والمهارات العملية، التي يكتسبها الفرد عبر انخراطه في مؤسسات ذات طبيعة اجتماعية واقتصادية وتدبيرية...

43 يميز المبدعون الأمازيغ بين "علم الكرْش" الذي يختص به الشعراء، و"علم الحق" الذي يمتلكه العلماء والفقهاء. يُنظر الحسين مجاهد، مرجع سابق، ص 669.

44 الشاعر محمد بن إحيا أوتزناخت.

45 من شعراء النصف الأول من القرن العشرين، الذين اختصوا في الشعر العاطفي والغزلي.

46 أنطولوجيا الشعر الأمازيغي، م س، ص 424.

47 Bounfour, A. (1994), Le nœud de la langue, P 7.

48 أبوري، البوري، نوع من البنادق المستعملة في القنص أو الفروسية أوالحرب.

49 عمر أمرير، الشعر المغربي الأمازيغي، ص 139.

50 بخصوص التداولية في علاقتها بالبعد الثقافي، يمكن الرجوع إلى محمد أديوان في كتابه النص والمنهج.

51 ينظر، محمد مفتاح، التلقي والتأويل مقاربة نسقية. وأيضا:

H.R Jauss, pour une esthétique de la réception.

52 ينظر روبرت شولز في كتابه "السيمياء والتأويل"، ص 45.

53 القاضي عبد العزيز الجرجاني، الوساطة بين المتنبي وخصومه، ص 51.

54 بخصوص أفعال الكلام في الشعر الشفوي، ينظر:

Zumthor, P. (1983), Introduction à la poésie orale.

Bounfour, A. (1994), Le nœud de la langue, p 42.

55 حوْل مفهوم التناص، يُنظر محمد مفتاح في كتابه "تحليل الخطاب الشعري، استراتيجية التناص، ص 119 وما بعدها.

56 ينظر، أحمد المنادي، الإلهام والتلقي في الشعر الأمازيغي، ص 35.

57 م ن، ص 98.

58 Justinard, Textes chleuh de l’Oued Nfis نقلا عن عمر أمرير، رموز الشعر الأمازيغي وتأثرها بالإسلام، ص 183.

59 محمد بن إحيا ؤتزناخت.

60 مطلع قصيدة الشاعر المهدي بن مبارك بعنوان "أسايس". المتون المدونة بأرشيف مركز الدراسات الفنية والتعابير الأدبية والانتاج السمعي البصري بالمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية.

61 محمد بودراع، أركَاز د تمغارت، تسجيل بيضافون، رقم 99/ 097200. مدونات أحمد بوزيد، م س.

62 مطلع قصيدة أكَالو للشاعر المهدي بن مبارك، م س.

63 حماد بيزماون، م س.

64 Bounfour, A. (1994), Le nœud de la langue, p81.

65 عبد الله هرهار، أحيدوس طقس يروي المعركة، مجلة زمان، ع 4، س 2014، ص 78.

Haut de page

Pour citer cet article

Référence papier

Ahmed Elmounadi, « نمْذجة القصيدة في الشعر الأمازيغي بنية الاستهلال »Asinag, 11 | 2016, LXXXIX-CXVI.

Référence électronique

Ahmed Elmounadi, « نمْذجة القصيدة في الشعر الأمازيغي بنية الاستهلال »Asinag [En ligne], 11 | 2016, mis en ligne le 01 décembre 2022, consulté le 18 mai 2025. URL : http://0-journals-openedition-org.catalogue.libraries.london.ac.uk/asinag/830

Haut de page

Auteur

Ahmed Elmounadi

أحمد المنادي

باحث بالمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية

Articles du même auteur

Haut de page

Droits d’auteur

CC-BY-NC-ND-4.0

Le texte seul est utilisable sous licence CC BY-NC-ND 4.0. Les autres éléments (illustrations, fichiers annexes importés) sont « Tous droits réservés », sauf mention contraire.

Haut de page
Rechercher dans OpenEdition Search

Vous allez être redirigé vers OpenEdition Search