Navigation – Plan du site

AccueilNuméros16ملف العدد : الكتابة والتأليف بالل...اللغة الأمازيغية بالمغرب الأقصى م...

ملف العدد : الكتابة والتأليف باللغة الأمازيغية وحولها

اللغة الأمازيغية بالمغرب الأقصى من خلال مصادر العصر الوسيط

Nouhi El Ouafi
p. XXIX-LXII

Résumés

La langue amazighe était au centre d’intérêt accordé des sources arabes du Moyen Âge, en particulier les ouvrages d’histoire, de géographie, d’hagiographie, de jurisprudence et de biographie. Cet article vise à porter un éclairage sur la manière dont la langue amazighe est représentée et abordée dans certaines desdites sources. Il traite deux questions fondamentales. La première concerne le statut de la langue amazighe au temps des émirats de Bourghawata et de Ghomara mais aussi des dynasties almoravide, almohade et mérinide. La seconde porte, à travers cinq exemples, sur l'intérêt qu’accordent à cette langue savants comme Al-Bakri, Al-Baydaq, Al-Idrisi, Ibn Khaldun et Al-Ouazzan.

Haut de page

Texte intégral

مقدمة

  • 1 - ابن عبد الحكم، أبو القاسم عبد الرحمان المصري (ت. سنة 257هـ/870-71م): فتوح مصر وأخبارها، تحقيق شار (...)
  • 2 - أبو الفضل، عبد الكريم بن سعيد (ق 10هـ/ 16م): العيون الـمُرضية في ذكر بعض مناقب الطائفة الرجراجية، (...)
  • 3 - انخرطت القبائل الأمازيغية في نشر الدين الجديد منذ تعرفهم عليه. ففي زمن الأدارسة، وغداة بيعة إدريس (...)
  • 4 - تذكر بعض الروايات التاريخية أن الجيش الذي جهّزه طارق بن زياد لفتح الأندلس كان بين اثني عشر ألفاً (...)

1شغل موضوع الأمازيغ حيزاً معتبَراً في كثيرٍ من مصنفات التراث العربي، خاصة منها التاريخية والجغرافية والفقهية والمناقبية، وغيرها. ذلك لأن الأمازيغ كان لهم حضورٌ في الأحداث الكبرى، خاصة فيما له صلة بالديانات السماوية الثلاث، ففي اليهودية نجد قصة جالوت بعد أن هزمه النبي داود عليه السلام وهجرته إلى المغرب.1 ثم في النصرانية التي كان أتباع النبي عيسى عليه السلام يتوزعون في الأقطار، فكان عددٌ منهم وصل إلى بلاد الأمازيغ، وتسموا بحواريّي المسيح.2 أما في الإسلام، فأخبارهم جمّة مفصلة في المصادر، إذْ ساهموا بكثافة في نشر الإسلام في المغرب3 وفي الأندلس،4 كما كان لهم حضورٌ في كل مراحل تاريخ المغرب في العصر الوسيط.

  • 5 - أنجز المستشرق البولوني تاديوش ليفيتشكي (Tadeusz Lewicki) عملاً متميزاً اشتغل فيه على القبائل الأم (...)

2تقدم لنا المصادر العربية معطيات غنية عن الأمازيغ، سواءٌ من الناحية الأنثروبونيمية أو الطوبونيمية، وغيرها. فعلى سبيل المثال، يقدم لنا ابن حوقل (ت. 367ه/977م) في كتابه صورة الأرض، لائحة بأسماء القبائل الأمازيغية التي استطاع الحصول عليها، بلغ عددها 250 قبيلة، لا يزال بعضها قائم الذات إلى الوقت الحاضر.5 أما المعطيات الطوبونيمية، فموضوع غني جداً تحفل به المصادر العربية، ومنها العديد من أسماء المواضع التي استقاها المؤلفون من المجال سماعاً من الناطقين بها، فاحتفظت لنا بكثير منها سليمة كما كانت تنطق، ولا يزال أغلبها على صيغته إلى اليوم. وقد حاول أصحاب المصادر جرد المجال الأمازيغي، فكانت رغبتهم في التعرف على أبعد مدى فيه قوية. وسلك الجغرافيون والرحالة منهم مسلكاً منهجياً ومجالياً تتبعوا فيه المسالك والطرق، فتكون الانطلاقة عادة من مكة إلى المدينة ثم إلى مصر فالمغرب.

3وكلما كان الوصول إلى مدينة، إلا ويتتبع الجغرافي أو الرحالة الطرق الرئيسة وتلك التي تتفرع منها، فنجده يحدد المحاور الطرقية، مثلاً من وجدة إلى فاس، أو من فاس إلى أغمات، أو من سجلماسة إلى غانة ...، وهكذا يجرد لنا المواقع التي على طول هذه المحاور، ويصف لنا المعطيات بدقة أحياناً، مع التركيز على الإنسان وعلى تحركاته، وتتبع أصول القبائل وتفرعاتها، وكذا الحديث عن الحياة الاجتماعية وعن مكوناتها. من غير إغفال للجانب الاقتصادي المتصل بمعاش الناس، من مصادر المياه وأصناف المزروعات وأنواع الثمار، والأسواق والبضائع والسكة...

4تروم هذه الورقات الوقوف عند الصورة التي تقدمها المصادر العربية، التاريخية والجغرافية منها بوجه خاص، والمؤلَّفة خلال العصر الوسيط، عن جانب أساسي من جوانب الحضارة الأمازيغية، وهو اللغة الأمازيغية وأوضاعها التي تقلبت فيها على مدى هذه الفترة. متوقفاً عند مسألتيْن أساسيتيْن، هما: وضع اللغة الأمازيغية في ظل بعض الأسر الحاكمة (خاصة إمارتا بورغواطة وغمارة، ثم المرابطون والموحدون فالمرينيون)؛ ثم موقع هذه اللغة في اهتمامات النخبة العالمة، من خلال نماذج خمسة عابرة للعصر الوسيط.

5وأشير في نهاية هذا التقديم إلى جملة من الملاحظات، وهي:

  • وردت اللغة الأمازيغية في المصادر التي اشتغلت عليها بأسماء مختلفة، منها: العجمية، واللسان العجمي، والبربرية، واللسان البربري، ولغة البربر، واللسان المغربي، واللسان الغربي، واللغة المرابطية، واللسان المصمودي، ولغة المصامدة، واللسان الزناتي...، لكني أستعمل في هذا المقال: "اللغة الأمازيغية"، مع الاحتفاظ بالتسميات الواردة في ثنايا النصوص التي أعتمدها؛

  • النصوص التي تم اختيارها نموذجية فقط، وتتراوح بين الوصف، وجرد أسماء المواقع وتفسيرها، وبين المعجم، وبعض الظواهر اللغوية، والمقارنات...؛

  • ينحدر أصحاب النصوص الموظفة في المقال من مشارب مختلفة، فمنهم المغربي، والأندلسي، والمشرقي. ومنهم من كتَب عن معاينة ومعاصَرة، ومنهم من كتَب نقلاً، وبالواسطة. كما أن منهم ناطقون بالأمازيغية، ومنهم من ليسوا كذلك. لذا، فطبيعي أن تختلف رؤاهم لبعض الظواهر وتفسيراتهم لها.

اللغة الأمازيغية

  • 6 - بوكوس، أحمد (1989): "أمازيغية"، معلمة المغرب، الرباط، الجمعية المغربية للتأليف والترجمة والنشر، م (...)
  • 7 - بوكوس: "أمازيغية" (م. ن) ص. 680.

6تُعرَّف الأمازيغية بأنها تنتمي إلى الأسرة الحامية-السامية، خاصة الفرع الليبي-الأمازيغي، الذي يتكون من اللغات اللّيبية والأمازيغية والغوانشية.6 ويُتحدَّث بالأمازيغية في مجموعة من الأقطار تمتد من مصر شرقاً إلى ساحل المحيط الأطلنتي غرباً، ومن الضفة الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط شمالاً إلى النيجر ومالي جنوباً.7

7تنقسم اللغة الأمازيغية إلى ثلاث أُسَر كبرى، تبعاً للمجموعات القبلية التي تتحدث بها، وهي، تاريخياً: الزناتية (نسبة إلى قبيلة زناتة)، وهي لسان جراوة ومغراوة وبني يفرن ومكناسة وبني مرين وبني وطاس. ثم المصمودية (نسبة إلى قبيلة مصمودة) وتتحدث بها غمارة وبرغواطة ودكالة وحاحة وهسكورة وهرغة ورگراگة وجزولة وهزميرة. وأخيراً الصنهاجية (نسبة إلى قبيلة صنهاجة)، وتسود في صنهاجة ولمتونة ومسوفة وگدالة ولمطة وترغة.8

8ونشأت على أساس هذا التقسيم الثلاثي التنويعات الكبرى للأمازيغية، وهي:

    • 9 - بوكوس، أحمد (1995): "تريفيت"، معلمة المغرب، ج7، ص ص: 2351-2352.

    تريفيت، أو اللسان الزناتي: وتنقسم إلى قسمين، الأول يتضمن الريف بمعناه الضيق، والثاني يشمل القطاع الشرقي من الريف. وتحيط بالمجال الجغرافي لتريفيت قبيلة غمارة غرباً، والحدود الجزائرية شرقاً، وقبائل البرانس وهوارة جنوباً، والبحر المتوسط شمالاً.9

    • 10 - بوكوس، أحمد (1995): "تشلحيت"، معلمة المغرب، ج7، ص ص: 2380-2381.

    تشلحيت: تستعمل للتواصل اليومي في رقعة جغرافية شاسعة، تسمى أحياناً بسوس في معناه الواسع. وتمتد تقريباً بين الصويرة وتنانت في الأطلس الكبير شمالاً، وبين الصويرة وواد نون غرباً، وطوال مجرى وادي درعة جنوباً، وبين ورززات وتنانت شرقاً.10

    • 11 - بوكوس، أحمد (1995): "تمازيغت"، معلمة المغرب، ج8، ص ص: 2536-2537.

    تمازيغت: تسود لدى المجموعات البشرية القاطنة بين جبل صاغرو جنوباً وممر تازة شمالاً، ومجرى وادي گرو غرباً ومجرى ملوية الوسطى شرقاً. ومن أبرز تلك المجموعات المتحدثة بها: أيت واراين، وأيت سغروشن، وأيت يوسي، وزمور، وگروان، وأيت مگيلد، وزيان، وأيت يافلمان، وأيت عطا.11

اللغات القديمة ببلاد المغرب حتى بدايات العصر الوسيط

  • 12 - البكري، أبو عبيد (ت. 487هـ/1094م): الـمُغرب في ذكر بلاد إفريقية والمغرب (وهو جزء من كتاب المسالك (...)

9إن وصول العربية إلى بلاد المغرب خلال النصف الأول من القرن الأول الهجري/السابع الميلادي، ووجود الأمازيغية بها قبل ذلك بقرون، لا يعني استئثارهما بالمجال دون غيرهما، فبعض الإشارات المصدرية تفيدنا بوجود "بقايا لغات قديمة" في بعض مناطق بلاد المغرب إلى غاية منتصف العصر الوسيط. من ذلك ما ذكره أبو عبيد البكري عن أهل مدينة سرْت حين وصف لسانهم بقوله: "ولهم كلامٌ يتراطنون به، ليس بعربيّ، ولا عجميّ، ولا بربريّ، ولا قبطيّ، ولا يعرفه غيرهم".12

10ولا يبعد أن يعني ذلك اللغة البونية التي كانت سائدة بالجهة الغربية (طرابلس ونواحيها) واستمر وجودها ببلاد المغرب حتى القرن الرابع الميلادي، أي بعد انقراض السلطة السياسية لقرطاج وتخريبها سنة 146 ق.م، ممّا لا يُستبعَد معه تواصل استعمالها إلى قدوم العرب إلى المنطقة، بالرغم من صعوبة الحسم في هذا الأمر الذي سيبقى معلقاً إلى أن تظهر معطيات جديدة تاريخية وأثرية تساعد على فكّ مستغلَقه.

  • 13 - الإدريسي، أبو عبد الله محمد، المعروف بالشريف الإدريسي (ت. 560هـ/1165م) : نزهة المشتاق في اختراق ا (...)
  • 14 - أسكان، الحسين (2006): "التحولات اللغوية بالمغرب خلال العصر الوسيط"، ضمن: مساهمات في دراسة الثقافة (...)

11وفي نفس السياق، يتحدث الشريف الإدريسي عن استمرار استعمال اللغة اللاّتينية بمدينة قفصة التونسية، إلى عصره على الأقل، عندما قال عن سكانها: "وأهلها متبربرون، وأكثرهم يتكلم باللّسان اللّطيني الإفريقي".13 ولا شك هي لاتينية متطورة عن اللاّتينية القديمة، وكان لها استمرار في العصر الوسيط. ولا يبعد أن تكون مدن أخرى، مثل سبتة وطنجة، عرفت استمرار بعض اللغات القديمة، خاصة اللاّتينية بسبتة التي كانت تابعة للبيزنطيين. فليس طبيعياً أن تكون قفصة هي المدينة الوحيدة التي يتخاطب سكانها بهذه اللغة من بين كل مدن الشمال الإفريقي، علماً بأن قفصة مدينة داخلية في المجال الواحي الصحراوي جنوب إفريقية. وقد يكون لاختفاء اللاّتينية بعد القرن 6ه/12م علاقة باختفاء المسيحية بدورها في الفترة ذاتها.14

  • 15 - البيذق، أبو بكر بن علي الصنهاجي (كان حيّاً سنة 555ه/1160م): أخبار المهدي بن تومرت وبداية دولة الم (...)

12والإشارتان تحفّزان على البحث في إمكانية استمرار ألسنٍ أخرى غير العربية والأمازيغية في الاستعمال اليومي بمناطق مختلفة من بلاد المغرب خلال العصر الوسيط. خاصة وقد ورد أن المهدي بن تومرت اتخذ له كتّاباً يعرفون بعض تلك اللغات، كان من بينهم ملول بن ابراهيم الذي "كان فصيحاً بديهاً بالألسن، يكتب بالسريانية والرموزيات وغير ذلك".15

اللغة الأمازيغية بالمغرب في العصر الوسيط

  • 16 - القبلي، محمد (إشراف وتقديم): تاريخ المغرب، تحيين وتركيب، منشورات المعهد الملكي للبحث في تاريخ الم (...)

13صاحَب وصول الإسلام إلى المغرب الأقصى انتشارٌ نسبي للّغة العربية، ساهم فيه العلماء وطلبة العلم الذين كانوا يرحلون إلى المشرق الإسلامي وإلى حواضر الأندلس لتلقي العلم، كما ساهم فيه التجار والرحالة وغيرهم. أطلت العربية إذن على المجتمع المغربي بوصفها لغة الشعائر الدينية والعلوم الإسلامية، ولغة الإدارة أيضاً، واستطاعت أن تحتل مكانتها بالتدريج بسبب "صبغة القداسة التي اكتسبتها لدى الأمازيغ باعتبارها لغة القرآن الكريم؛ وصبغة الوظيفة باعتبارها لغة الثقافة والكتابة والتسيير الإداري؛ وتزايد أعداد العرب الوافدين إلى المغرب جنوداً ودعاةً ومهاجرين".16

  • 17 - الإدريسي: نزهة المشتاق (م. س)، ج1، ص 246. وعدّ من تلك القبائل: بنو يوسف، وفندلاوة، وبهلول، وزواوة (...)

14غير أن الأمازيغية ظلت تحتفظ لنفسها بمكانة اجتماعية معتبرة، فهي لغة التداول اليومي، ولغة العديد من "مدبري الشأن العام" خلال الفترة الوسيطية. ولم يحدث أنْ دخلت في صراع مع العربية، حسبما يرد في المصادر على الأقل، بل طُبعت العلاقة بين اللغتين بطابع التساكن الذي أفضى في كثير من الأحيان إلى التكامل. الأمر الذي تؤكده بعض النصوص التي تناولت تلك العلاقة، ومن ذلك ما ورد عند الشريف الإدريسي الذي ميّز بين المجالين الحضري والقروي. ففي الأول يكون انتشار العربية ظاهراً، ويتجاوز تأثيره إلى الضواحي، فعند حديثه عن فاس وناحيتها يقول: "ومدينة فاس قطبٌ ومدارٌ لمدن المغرب الأقصى، ويسكن حولها قبائل من البربر ولكنهم يتكلمون بالعربية".17

  • 18 - الإدريسي: نزهة المشتاق (م. ن)، ج1، ص 223.

15أما في الجبال والسهول، فالتأثير يكون معكوساً، فنجد العربية تتوارى أمام الأمازيغية "ذلك أن قبائل العرب نزلت على قبائل البربر، فنقلوهم إلى لسانهم بطول المجاورة لهم حتى صاروا جنساً واحداً".18 فالذين نزلوا تأثروا بلسان أصحاب الأرض بطول المجاورة، وإنْ بدا أن النص يحتمل الوجهين، إلا أن الضمير يعود دائماً على أقرب مذكور.

  • 19 - الإدريسي: نزهة المشتاق (م. ن)، ج1، ص 257.

16يعضد هذا الترجيح تحوّلُ لسان بعض القبائل من العربية إلى الأمازيغية بفعل ذات العامل. فعند تناوله نسبَ زناتة، القبيلة الأمازيغية الكبرى، أشار الإدريسي إلى أصلها العربي وظروف تغيّر لسانها بقوله: "وزناتة في أول نسبهم عرب صرح، وإنما تبربروا بالمجاورة والمحالفة للبرابر من المصاميد".19

17سيتم تناول صورة اللغة الأمازيغية في المصادر العربية من خلال تتبع وضعها في ظل خمسة كيانات سياسية هي، بترتيب زمني: إمارتا بورغواطة وغمارة، ودول المرابطين، والموحدين، والمرينيين، من جهة. والوقوف كذلك عند الصورة التي تحتلها الأمازيغية في كتابات بعض من يمثلون النخب العالمة من جهة ثانية. وقد اخترت منهم أبا عبيد البكري، وأبا بكر بن علي الصنهاجي (المعروف بالبيذق)، والشريف الإدريسي، وعبد الرحمن بن خلدون، والحسن الوزان. وهذه الأعلام الخمسة عابرة للعصر الوسيط، وتسمح كتاباتهم باستخلاص تصور عام عن الموضوع في تلك الفترة.

وضع اللغة الأمازيغية في ظل إمارة بورغواطة

  • 20 - ابن حوقل، أبو القاسم النصيبي (ت. 367ه/977م): صورة الأرض، نشر: كرامرز وآخرون، ليدن، 1938-1939، ص82
  • 21 - سورة إبراهيم، الآية: 5.

18لا تسمح المعطيات الواردة بخصوص هذه الإمارة (ق. 2-6هـ/8-12م) بتكوين صورة متكاملة عن وضع اللغة الأمازيغية بها، إلا أن ما وصلنا من شذرات تُجمع على اختيار زعيمها اللسان الأمازيغي للتواصل مع الأتباع وبث التعاليم فيهم. وتشير النصوص المحدودة إلى أن صالح بن طريف، الذي ادّعى النبوة في قومه، ارتكز على المقوّم اللغوي، حيث ذكر لأتباعه "أنه نبيٌّ ورسولٌ مبعوث إليهم بلغتهم (...) وأن محمداً صلى الله عليه نبيّ حق، عربيّ اللّسان، مبعوث إلى قومه وإلى العرب خاصة"،20 محتجاً بقوله تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ﴾.21

  • 22 - البكري: الـمُغرب (م. س)، ص 140. وأورد البكري ترجمة عربية لأوائل سورة أيوب، وهي أول سورة من كتاب ص (...)
  • 23 - ومنهم ابن خلدون الذي يؤكد أنهم من مصمودة، وأنهم الجيل الأول منها.
  • 24 - مجهول (كان حيّاً سنة 712هـ/ 1312م): مفاخر البربر، تحقيق: عبد القادر بوباية (2005)، الرباط، دار أب (...)
  • 25 - ابن حوقل: صورة الأرض (م. س)، ص 82.
  • 26 - ابن حوقل: صورة الأرض (م. ن)، ص 82.

19لذلك وضع لهم كتاباً عارض به القرآن الكريم، مؤلَّف من ثمانين سورة باللّسان الأمازيغي،22 ولعله كان بلسان مصمودة، القبيلة الأم لبورغواطة، بالرغم من الخلاف الحاصل بين المؤرخين الذين يرى بعضهم مصموديتها،23 في الوقت الذي يذهب فيه آخرون للقول بأصلها الزناتي.24 كان صالح "مضطلعاً بلغة البربر، يفهم غير لسان من ألسنتهم".25 وحظي كتابه من لدن الأتباع باهتمام كبير "فهم يتدارسونه ويعظّمونه ويصلّون به".26

  • 27 - البكري: الـمُغرب (م. س)، ص 134-135؛ ابن عذاري المراكشي (ت. بعد 712هـ/1312م): البيان المغرب في أخب (...)

20ويبدو أن القائمين على الإمارة البورغواطية التزموا اللّسان الأمازيغي حتى في علاقاتهم مع غير الناطقين به، ذلك أن الحكَم المستنصر بالله، الخليفة الأموي في الأندلس، أحضر في مجلسه المترجم أبا موسى عيسى بن داوود المسطاسي ليشرح له مهمة أبي صالح زمّور بن موسى البورغواطي الذي وفد عليه بقرطبة سنة 352ه/963م رسولاً من أبي منصور عيسى بن أبي الأنصار عبد الله أمير بورغواطة وقتها.27

وضع اللغة الأمازيغية في ظل إمارة غمارة

  • 28 - الفيگيگي، حسن: "حاميم"، معلمة المغرب، الرباط، الجمعية المغربية للتأليف والترجمة والنشر، مطابع سلا (...)
  • 29 -Le Tourneau, Roger: “Ha-mim”, in: Encyclopédie de l’Islam, nouvelle édition, Leide, Brill, Paris, (...)

21يكاد وضع اللغة الأمازيغية في ظل إمارة غمارة، إلى الشمال الغربي للمغرب، لا يختلف عن مثيله في الإمارة البورغواطية، من ظهور المتنبئ حاميم بن مَنَّ الله (ق. 3-4ه/9-10م)، ووضعِه للمؤمنين به كتاباً باللّسان الأمازيغي المحلي، الذي لم ترد تفاصيل عنه. وهو كتاب مؤلَّف من تهاليل وابتهالات، ومن تعاليم مختلفة عن تعاليم الإسلام.28 فصارت ديانة حاميم، كما وصفها لوترنو (Le Tourneau) "توليفة امتزجت فيها التعاليم الإسلامية المحرفة بالمعتقدات البربرية".29

  • 30 - أثار الباحث إبراهيم القادري بوتشيش أسئلةً مشروعةً بخصوص حاميم ومشروعه في: "حركة المتنبئين والسحرة (...)

22غير أنه، وعلى العكس من بورغواطة، لم يصلنا شيءٌ كثيرٌ من نصوص كتاب حاميم، فعلى قِصر تلك التي وصلت منها، فإن في صيغها اختلافاً بين الذين أوردوها، علماً بأن المصدر الذي كان له سبْق ذكرها هو كتاب الـمُغرب للبكري. فهل تلك المقاطع الواردة مترجَمةً عند البكري كانت جاهزةً ومتاحةً له؟ وما مصدر هذه الترجمة إنْ ثبتت؟ أم أن البكري استعان بمن ترجمها له؟ ثم ما سبب اختلاف صيغ الترجمة الواردة عند كل من البكري وابن خلدون وابن أبي زرع؟ وكلها أسئلة تنسحب على كتاب بورغواطة كذلك.30

  • 31 - البكري: الـمُغرب (م. س)، ص101؛ الفيگيگي: "حاميم" (م. س)، ص3287.
  • 32 - البكري: الـمُغرب (م. ن)، ص 100.

23لم تدم نحلة حاميم طويلاً، فقد قتل صاحبها سنة 315ه/927م، في معركة ضد مصمودة بناحية الساحل بين طنجة وأصيلا.31 ولم تساعد كثرة أتباعه على استمرار مشروعه، بالرغم من إجابة بشر كثير له، كلهم أقرّوا بنبوته.32 لكن، مع هذا، يبقى ممكناً القول إن اعتماد حاميم اللّسان الأمازيغي في وضع كتابه، وبثّ تعاليمه في قومه بذلك اللّسان نموذج آخر يساعد على تكوين صورة تقريبية لما كانت عليه اللغة الأمازيغية بالمغرب في العصر الوسيط.

  • 33 - القبلي، محمد (2016): "الوضع اللغوي بشمال إفريقيا في العصر الوسيط"، حوار مع مجلة أسيناگ، ع. 11، ص (...)

24ويبدو أن شحّ المادة المصدرية بخصوص وضع اللغة الأمازيغية خلال القرون الهجرية الأولى لن يحول دون القول بحضورها بشكل واسع إلى حدّ بعيد بين عامة الأهالي طوال هذه الفترة، وان استعمال هذه اللغة شمل كل الأغراض الثقافية والحياتية.33

25وظل الوضع اللغوي على حاله، إلى أن حصل تحول نسبي زمن المرابطين بصعود صنهاجة الجنوب، لتصبح لغتُهم لغة البلاط والنخبة الحاكمة، فيما احتفظت كل من قبائل مصمودة وزناتة بألسنتها.

وضع اللغة الأمازيغية زمن المرابطين

26لا تسعف الإشارات المعدودة الواردة في المصادر الوسيطية في تكوين صورة واضحة عن الوضع اللغوي في العصر المرابطي. إلا أن المشهد يبدو مشكَّلاً -سواءٌ في مرحلتيْ الدعوة أو الدولة- من الأمازيغية الصنهاجية التي هي لغة التواصل اليومي بين أفراد المجتمع وبين أولي الأمر والرعايا، ومن العربية التي لم تعرف تجذّراً كبيراً، فبقيت لغةَ النخبة من العلماء والفقهاء وطلبة العلم.

  • 34 - ابن خلكان، أبو العباس شمس الدين أحمد (ت. 681ه/1282م): وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان، تحقيق: إ (...)
  • 35 - ابن خلكان: وفيات الأعيان (م. ن)، ج7، ص. 114.
  • 36 - ابن خلكان: وفيات الأعيان (م. ن)، ج7، ص. 114-115.

27ووعياً من الأمير يوسف بن تاشفين بأهمية اللغة العربية في وسط يفرض عليه التعامل مع جهاتٍ العربيةُ لغتُها، سواء في الأندلس أو في المشرق الإسلامي، وهو الذي "لا يعرف اللّسان العربي، لكنه كان يُجيد فهم المقاصد"،34 فقد "كان له كاتب يعرف اللغتين العربية والمرابطية"،35 يقرأ له الرسائل الواردة عليه، ويكتب له الصادرة منه، خاصة تلك المتبادلة مع ملوك الأندلس. ويظهر في واحدة من تلك الرسائل عدم معرفة يوسف بالعربية، فحين شرح له كاتبه نصها سأله يوسف رأيَه فيها، "فلما ألقى الكاتب هذا الكلام [يقصد رأيَه في مضمون رسالة ملوك الأندلس] إلى يوسف بن تاشفين بلُغته فهمه وعلم أنه صحيح، فقال للكاتب أجب القوم واكتب بما يجب في ذلك، واقرأ عليّ كتابك (...) فلما فرغ من كتابه، قرأه على يوسف بن تاشفين بلسانه فاستحسنه...".36

  • 37 - هي في الأصل مناظرةٌ جرت وقائعها في مجلس أبي يحيى بن أبي زكرياء أمير الموحدين على سبتة، بين أبي ال (...)
  • 38 - ونصه، كما ورد عند المقري: نفح الطيب (م. س)، ج3، ص 191: "...فإن المعتمد قال له [لابن تاشفين] أيعلم (...)

28كما يرجح أن تكون اللقاءات التي جمعت بين يوسف بن تاشفين وأمير إشبيلية، المعتمد بن عباد، تمت بواسطة مترجم. وتضمنت رسالة الشقندي في الدفاع عن الأندلس37 سؤالَ المعتمدِ يوسفَ -في أحد لقاءاتهما- عن مدى فهمه شعر مادحيه من شعراء الأندلس الذين كانوا يلقون أشعارهم بين يديهما، فكان جواب يوسف بالنفي، لكنه شرح للمعتمد أنه يعلم ما يريدون.38

29ولا شك أن اتخاذ يوسف للكتّاب الذين يتقنون اللّسانيْن في ديوانه لتولي مهمة الكتابة للملوك وقادة الجيش والأجناد وغيرهم، والاستعانة بالمترجمين لضمان حسن التواصل مع الجلساء من الملوك وغيرهم... يعدّ من المظاهر المقرِّبة لفهم وضع الأمازيغية في ذلك العصر.

وضع اللغة الأمازيغية زمن الموحدين

  • 39 - يسمى به لسان المصامدة خلال القرن 6ه/ 12م.
  • 40 - المراكشي، عبد الواحد (ت. 647هـ/1249م): الـمُعجب في تلخيص أخبار المغرب، ضبط وتصحيح وتعليق: محمد سع (...)
  • 41 - "وهو يحتوي على معرفة الله تعالى، وسائر العقائد كالعلم بحقيقة القضاء والقدر، والإيمان بما يجب لله (...)
  • 42 - ابن أبي زرع: الأنيس المطرب (م. س)، ص 226-227.

30اختلفت الصورة التي تقدمها المصادر عن اللغة الأمازيغية خلال العصر الموحدي اختلافاً واضحاً عن تلك التي قدمتها عنها في ظل المرابطين، ذلك أن الموحدين تميزوا منذ بداية أمرهم بمقاربة مختلفة عمّا كان عليه سلفهم، وكانوا أكثر جرأةً في التعامل مع المسألة اللغوية. فهذا ابن تومرت الواعي، من جهة، بالمستوى المتدنّي للعربية لدى المصامدة، والرامي، من جهة ثانية، لتوحيد الناس قصد إنجاح مشروعه السياسي الذي لا نجاح له بغيرهم، سلك طرقاً ضمِن بها نشر أفكاره بينهم، ومن ذلك وضعه للتآليف الموجهة للأتباع باللسان الغربي،39 فقد كان أفصح أهل زمانه في ذلك اللّسان.40 لذا، كان "أول ما دبّر به أمْرَهم أنه ألّف لهم كتاباً سماه التوحيد باللسان البربري، وهو سبعة أحزاب، عدد أيام الجمعة، وأمرهم بقراءة حزب واحد منه كل يوم إثر صلاة الصبح بعد الفراغ من حزب القرآن".41 وتذكر بعض الروايات أن المهدي ألزمهم بحفظه "وقال لهم: من لا يحفظ هذا التوحيد فليس بمؤمن، وإنما هو كافرٌ لا تجوز إمامته ولا تؤكل ذبيحته، فصار هذا التوحيد عند قبائل المصامدة كالقرآن العزيز".42

  • 43 - مجهول: الحلل الموشية (م. س)، ص 110.
  • 44 - ورد تفصيل عنها في القائمة التي وضعها ناسخ موطأ الإمام المهدي (محاذي الموطأ) لتعليقات ابن تومرت، ف (...)

31ويضيف صاحب الحلل الموشية أن ابن تومرت وضع لأصحابه كتابين آخرين، مختلفين عن السابق ذكره (أي كتاب التوحيد)، أحدهما "سماه بالقواعد، وآخر سماه بالإمامة، هما موجودان بأيدي الناس إلى هذا العهد [الربع الأخير من القرن 8هـ/14م] ودوّنهما بالعربي وبالبربري".43 غير أن أيّاً من الثلاثة لم يصل إلينا بالصيغة المصمودية.44

  • 45 - ابن خلدون، عبد الرحمن (ت. 808هـ/1406م): كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم وال (...)

32ومن حرص المهدي على تسهيل تواصله مع الأتباع، وتسريع وتيرة تأثيره في المجتمع لتبليغ آراءه للناس، كان يتولى تدريس كتبه للقوم بنفسه وبلسانهم، وهو ما أشار إليه ابن خلدون في معرض حديثه عنه بقوله: "فنزل على قومه [بإيگليز من بلاد هرغة]، وذلك سنة خمس عشرة وخمسمائة، وبنى رابطة للعبادة، واجتمعت إليه الطلبة والقبائل فأعلمهم المرشدة والتوحيد باللسان البربري".45

  • 46 - انظر: الشاطبي، إبراهيم بن موسى بن محمد اللخمي الغرناطي (ت. 790هـ/1388م): الاعتصام، مطبوعات الحلبي (...)
  • 47 - الونشريسي، أبو العباس أحمد بن يحيى (ت. 914هـ/1508م): المعيار الـمُعرب والجامع الـمُغرب عن فتاوي أ (...)

33ومن عناية ابن تومرت باللغة الأمازيغية، أنْ أحدث نداءً للصلاة باللّسان المصمودي، بعد الأذان الشرعي بالعربية، وهو عبارة: تصاليت الإسلام (صادٌ مشمومة بزاي: تاﮊالّيت). رغم ما جرّه عليه هذا وغيره من الـمـُحدثات من انتقاد جملة من العلماء والفقهاء بالمغرب والأندلس الذين بدّعوه فيها، وأبرزهم إبراهيم الشاطبي، الذي نسب إليه بدعاً أحدثها بالمغرب منها: "وجوب التثويب بتصاليت الإسلام، وبقيام تصاليت سوردين باردي [كذا]، وأصبح ولله الحمد..."،46 ومن العلماء من لم يرَ بها بأساً، مثل أحمد بن يحيى الونشريسي الذي عدَّها من "المستحسَن من البدع".47

  • 48 -فقد ورد في رسالته إلى طلبة بجاية: "...ويؤمر الذين يفهمون اللسانَ الغربيَّ ويتكلّمون به أن يقرأوا ا (...)

34لم يتوقف اهتمام الموحدين بالمسألة اللغوية بوفاة المهدي، بل ظل همّاً صحب من ورثوا عنه الحكم، لذات المقاصد التي منها تحقيق تواصل جيد مع الرعية، سواءٌ في ما له صلة بالشؤون الدينية أو الدنيوية، فقد كانت للخليفة عبد المؤمن بن علي عناية خاصة بمؤلفات المهدي، وكان يتولّى تدريس مسائل منها بنفسه، فضلاً عن أنه أمر من يفهمون اللّسان الغربي بقراءة توحيد المهدي بذلك اللّسان.48

  • 49 - المراكشي: الـمُعجب (م. س)، ص 485.

35ووصف عبد الواحد المراكشي سفَر الخلفاء الموحدين وحاشيتهم وصفاً دقيقاً، وممّا ذكر أنه عندما ينطلق الركب يقف الخليفة ويدعو، ثم يقرأ الطلبة حزباً من القرآن، وشيئاً من الحديث، "ثم يقرأون تواليف ابن تومرت في العقائد بلسانهم وباللسان العربي".49

  • 50 - ابن أبي زرع الفاسي: الأنيس المطرب (م. س)، ص87.

36ويبقى الحدث الذي ميّز سياسة الموحدين حيال المسألة اللغوية، ما أقدموا عليه غداة دخولهم مدينة فاس في عهد الخليفة عبد المؤمن، حيث عمدوا إلى عزل خطيب جامع القرويين، الفقيه مهدي بن عيسى، رغم أنه "كان من أحسن الناس خلْقاً وخُلقاً، وأفصحهم لساناً وأكثرهم بياناً (...) وقدموا مكانه الفقيه الصالح المبارك علي بن عطية لأجل حفظه للّسان البربري، لأنهم كانوا لا يقدمون للخطابة والإمامة إلا من يحفظ التوحيد باللّسان البربري".50

  • 51 - ونصه: "وكانت خطبة الجمعة في مساجد الموحدين تُلقى باللغة البربرية، وكذلك خطبة العيد". انظر:

37وهذا النص صريح في شرط الخطابة بجامع القرويين، غير أننا لا نعلم إنْ وقع تعميم ذلك على كل منابر المغرب، أم أن الأمر بقي مقتصراً على فاس لمكانتها العلمية والروحية. رغم ما تسمح به خاتمة النص ذاته من فهم التعميم لا التخصيص. وإلى هذا يميل ألْفرد بِلْ (Alfred Bell)، مضيفاً أن خطبة العيد كانت تلقى بذات اللسان أيضاً.51

  • 52 - تويراس، رحمة (2015): تعريب الدولة والمجتمع بالمغرب الأقصى خلال العصر الموحدي، مؤسسة الإدريسي الفك (...)

38وبشكل عام، يمكن القول إن التدابير التي اتخذها الخلفاء الموحدون بخصوص اللغة الأمازيغية لم تكن من منطلق قومي عرقي، بقدر ما كانت خلفيتها نفعية، وأسهمت في علاج معضلة التواصل اللغوي في المجتمع. ونفس العناية أولوْها للّسان العربي، فكانوا ينتخبون لمنابرهم أبلغ الخطباء من كبار العلماء بالعدوتين. وعموماً، فالبلاط الموحدي، ذي الطابع الأمازيغي الأصيل، تأثر بالثقافة العربية، وبالرغم من ذلك، كان الحكام لا يجدون حرجاً في استعمال الأمازيغية في نداءاتهم وبلاغاتهم حتى يمكّنوا مستمعيهم من استيعاب خطاباتهم.52

  • 53 -Ghouirgate, Mehdi, L'ordre almohade (1120-1269): une nouvelle lecture anthropologique, Toulouse, P (...)
  • 54 - Galand, Lionel (1991) « Berbères », in : Encyclopédie de l’Islam, NE, T. I, pp. 1208-1222, p. 121 (...)

39وبصفة إجمالية، تمتعت اللغة الأمازيغية خلال العصر الموحدي "بوضع مؤسساتي" غير مسبوق، وشكل استعمالها تجديداً قوياً مقارنة بالعصور السابقة.53 ولم تظهر ذات العناية في العصور اللاحقة، وحتى اللّسانيون والمهتمون باللّغات لا يكادون يجدون كتابات بالأمازيغية بعد العصر الموحدي.54

وضع اللغة الأمازيغية في ظل المرينيين

  • 55 - العجمية، أو لغة البربر، أو لغة المرينيين، أو اللسان الزناتي كما يسميها مؤرخو ذلك العصر.
  • 56 - ابن أبي زرع: الأنيس المطرب (م. س)، ص365. وقد فصّل المؤلف في تلك الأسباب في تالي الصفحات
    (ص ص: 365- (...)

40لا نملك كثيراً من المعلومات عن وضع اللغة الأمازيغية55 بالمغرب في عصر بني مرين، فلم تكن عنايتهم بها لتصل مستوى عناية الموحدين، حتى تخلّدها المصادر. ولعل في تبنّي المرينيين للنسب العربي بعض تفسير ذلك، فمعروف أنهم يرفعون نسبهم إلى مُضر بن نزار بن مَعد بن عدنان "فهم عربٌ صريحون، والسبب في تغيّر لسانهم عن العربية إلى اللغة البربرية ما ذكره علماء التاريخ وأهل المعرفة بالأنساب وأيام الناس".56

41وإلى هذا يرمي شاعر أمراء بني مرين عبد العزيز الملزوزي بقوله:

فجاورتْ زناتة البرابرا

فصيّروا كلامهم كما ترى

ما بدّل الدهر سوى أقوالهم

ولم يبدل مقتضى أحوالهم

فانظر كلام العرب قد تبدّلا

وحالهم عن حاله تحولا

كذاك كانت قبلهم مرين

كلامهم كالدرّ إذ تبين

فاتخذوا سواهم خليلاً

  • 57 - الملزوزي، أبو فارس عبد العزيز بن عبد الواحد (ت. 697هـ/1297م): نظم السلوك في الأنبياء والخلفاء وال (...)

فبدّلوا كلامهم تبديلاً57

  • 58 - ابن الأحمر، أبو الوليد (ت. 810ه/1407م): روضة النسرين في دولة بني مرين، نشر: عبد الوهاب بن منصور ( (...)

42ولم يقتصر الأمر على تبنّي المرينيين للأصل العربي، بل تبنوا النسب الشريف أيضاً، فقد نسبهم البعض إلى الإمام علي بن أبي طالب.58 وواضحٌ أن رهاناتهم السياسية أملَت عليهم القول بهذين الأصلين، فهم في حاجة للنسب العربي وللشرف ليصنعوا مكانتهم، خاصة في فاس، حيث يُنظر إليهم نظرة دونية، وأنهم بدوٌ بعيدون عن الحضارة.

  • 59 - لسان الدين ابن الخطيب، محمد بن عبد الله (ت.776 هـ/1374م)، الإحاطة في أخبار غرناطة، ج4، تحقيق: محم (...)

43بالرغم من هذا الشحّ الملحوظ في الأخبار عن وضع الأمازيغية في ظل حكم بني مرين، إلا أن بعض المصادر الأدبية حفظت لنا إشارات محدودة. ومن ذلك ما ورد من المزاوجة بين الأمازيغية والعربية في بعض الأشعار، وهي أن يجمع أحدهم بين ألفاظ عربية وأخرى أمازيغية في البيت الواحد. ولعل أقدم ما وصلنا من هذا اللون الشعري يعود للنصف الثاني من القرن 7هـ/ 13م (أوائل العصر المريني)، حيث ذكر ابن الخطيب في الإحاطة أن الشاعر أبا فارس عبد العزيز بن عبد الواحد الملزوزي، السابق ذكره، كان يخاطب السلاطين المرينيين بشعر يخلط فيه بين العربية والأمازيغية، فقد "كان شاعراً مُكثراً (...) جَسوراً على الأمراء، علِق بخدمة الملوك من آل عبد الحق وأبنائهم، ووقّف أشعاره عليهم، وأكثرَ النظْم في وقائعهم وحروبهم، وخلط الـمُعرّب باللسان الزناتي في مخاطباتهم".59

44كما برز في العصر المريني ذاته، الشاعر عبد الله الزرهوني، المعروف بالكفيف (توفي أواسط القرن 8هـ/ 14م)، الذي أنشأ قصيدة/ ملحمة من 497 بيتاً يصف فيها حملة (حْرْكة) السلطان أبي الحسن المريني من المغرب الأقصى إلى المغرب الأدنى، سنة 748هـ/ 1347م، والتي كان يروم منها توحيد بلاد المغرب. فكان الزرهوني يمزج في شعره بين العامية المغربية والزجل الأندلسي تتخللهما مفردات أمازيغية، وهذه نماذج منه:

45ولْجْبَل الزان ولُوطا حرك

  • 60 - الكفيف الزرهوني: ملعبة الكفيف الزرهوني، تقديم وتعليق وتحقيق: محمد بن شريفة (1987)، الرباط، المطبع (...)

46 ما خْلاّ لا سْبع ولا غِيلاس60 [النمر]

47حتى بالخيل ردها شعرا

  • 61 - الزرهوني: ملعبة (م. ن)، ص 73، البيت: 116.

48 ومن الواد الكبير سْقى إيسانْ61 [الخيل]

49ما خْلاّ لا ذهب ولا درا

  • 62 - الزرهوني: ملعبة (م. ن)، ص 79، البيت: 142.

50 إلاّ حمل في ظْهور إيسردان62 [البغال]

51وانهزموا وحرفوا الخيمات لورا

  • 63 - الزرهوني: ملعبة (م. ن)، ص 92، البيت: 221.

52 يحاموا بالسيف عن تيسدنان63 [النساء]

صورة اللغة الأمازيغية في مؤلفات النخبة

  • 64 - الونشريسي: المعيار الـمُعرب (م. س) ج1، ص 186.

53يُقصد منها كيفية تصوير كتابات علماء المغرب الوسيط اللغةَ الأمازيغية، سواءٌ من حيث أصولها وتفرعاتها وتوزيعها، وكذا من ناحية معاني كلماتها ودلالاتها...، فقد تبيّن من مختلف النصوص أن الحديث عن الأمازيغية كان مسألة طبيعية في تلك الفترة، وكانت تُتناوَل بين الفينة والأخرى وكلما دعت إلى ذلك ضرورة، خاصة عندما تكون موضوع سؤال لأهل الشأن الديني من العلماء والفقهاء. ويكفي التمثيل لهذا بالنازلة الواردة عند الونشريسي، ومضمونها أن أحد الناس سأل بعض العلماء "عمّن لا يعرف العربية، هل له أن يدعو بالبربرية في صلاته أم لا؟ فأجاب بأن قال: نعم، الله أعلم بكل لغة".64

  • 65 - ابن الزيات التادلي، أبو يعقوب يوسف بن يحيى (ت. 627ه/1230م): التشوف إلى رجال التصوف، تحقيق: أحمد ا (...)
  • 66 - من ذلك ما حكاه عنه يومَ شكى الناس إليه القحط واحتباس المطر، وسألوه الدعاء "ورفع يديه والناس خلفه، (...)
  • 67 - التادلي: التشوف (م. س)، ص 218.
  • 68 - العزفي، أبو العباس (ت. 633ه/1236م): دعامة اليقين في زعامة المتقين (مناقب الشيخ أبي يعزى)، تحقيق: (...)

54ونجد أخباراً في ذات الموضوع متفرّقةً في مصادر مختلفة، خاصة في كتب التراجم والمناقب والتصوف، مثل كتاب التشوف للتادلي، والمستفاد للتميمي، وغيرهما. فهذا النوع من المؤلفات يزخر بالأخبار التي تبيّن كيف كان بعض العُبّاد والزهّاد يوظفون اللغة الأمازيغية في وعظ المريدين وإرشادهم. والظاهر أن استعمالهم لها يكون إما لقلّة بضاعتهم في العربية أو رغبة منهم في التواصل مع المريدين بلسانهم، ومنهم من يزاوج بين اللغتين حسب ما يقتضيه المقام. فهذا ابن الزيات التادلي يحدثنا عن المتصوف أبو ولجوط تُونارْتْ بن واجرّام الهزميري (ت. سنة 608ه/1211م) الذي كان واعظاً بليغاً في قومه باللسان المصمودي.65 أما أبا يعزى يِلَنّورْ (ت. 572ه/1176م)، فلم يُعرف عنه علمٌ بالعربية، إنما كان كلّ وعظه ودعائه باللّسان الأمازيغي، وقد حكى عنه التميمي في المستفاد أحوالاً غريبةً في هذا الباب.66 أما التادلي فذكر أن لأبي يعزى ترجماناً يشرح كلامه لزائريه ممن لا يفهمون اللسان.67 وأورد العزفي في دعامة اليقين عدة حوادث في مجالس أبي يعزى حضر فيها من يترجم عنه.68

  • 69 - الاقتصار على هذه الأمثلة الخمسة هو لضرورة منهجية تروم التركيز والاختصار، ولا ينفي ذلك وجود مصادر (...)

55سيكون تناول صورة اللغة الأمازيغية في كتابات النخبة المغربية الوسيطية من خلال خمسة أمثلة، يراعى في إيرادها الترتيب الزمني، للوقوف على تطور المواقف من المسألة. المثال الأول نصٌّ من كتاب أبي عبيد البكري يوضّح كيفية تعامله مع الأسماء الأمازيغية للأماكن؛ والثاني للبيذق الذي كان للأمازيغية حضور لافت في أعماله؛ أما المثال الثالث فهو للشريف الإدريسي الذي وضع المقابِلات الأمازيغية لأسماء النبات والعقاقير؛ والرابع بمثابة نصٍّ مؤسِّسٍ لابن خلدون في موضوع رسم بعض الأصوات الأعجمية بالحروف العربية؛ وانتهاءً بنصوصٍ للحسن الوزان يُعرّف فيها اللغةَ الأمازيغية والقبائل الناطقة بها.69

أبو عبيد الله البكري (توفي سنة 487هـ/1094م)

56يعتبر البكري جغرافياً وأديباً ونباتياً أندلسياً، اشتهر بكتابيْه: معجم ما استعجم من أسماء البلاد والمواضع؛ والمسالك والممالك. عُرفت أخباره بالدقة والضبط، وله عناية كبيرة بأسماء الأماكن. اختار البكري لنفسه منهجاً يسلكه عند إيراده أسماء الأماكن ذات الأصل الأمازيغي، فنجده يورد العلَم في صيغته الأصلية ويُردفه بمعناه العربي، توخياً منه سلامة النقل، وإثبات المعنى الذي يحرص على إيصاله لقارئه.

  • 70 - من ذلك مثلاً ما أورده عن "بورغواطة"، حيث يعتبر كتابه المصدر الأساسي الذي استقى منه الدارسون معلوم (...)

57وجدير بالإشارة أن البكري لم يزر المغرب، إنما مكنته طبيعة عمله بالأندلس من الاطلاع على "معطيات رسمية" تهم البلاد، فضلاً عن اعتماده كتباً هامةً ضاعت ولم تصلنا، من أبرزها كتاب مسالك إفريقية وممالكها لمحمد بن يوسف الورّاق (ت. 362ه/973م). فجاءت أخبار البكري مفصلة ودقيقة أهّلت كتابه ليحتل الصدارة، بل التفرد والحصر أحياناً في إيراد بعض الأخبار.70

  • 71 - Chaker, Salem (1981) : «Données sur la langue berbère à travers les textes anciens : la descripti (...)
  • 72 - البكري: الـمُغرب (م.ن)، ص 156.

58أورد البكري في مسالكه طائفةً من أسماء الأماكن بالأمازيغية، تناولها بالدراسة سالم شاكر في مقالين هامين.71 وسأكتفي هنا بنص نموذجي يتحدث فيه البكري، وهو يصف المحور الطرقي الرابط بين سجلماسة وغانة، عن مواضع جغرافية متعددة، مورداً الأصل والمعنى، قائلاً: "فمن تيومتين إلى تامجاثت مرحلة (...)، ومن هناك إلى أمان تيسّن [ن تيسْنت؟] مرحلة، وتفسيره: الماء المالح، ومنه إلى تِنودادن [تينْ ؤدادْن] مرحلة، وتفسيره: بئر الأيائل (...)، ومنه إلى تونين ان وجلّيد [تونين نوگلّيد] تفسيره: آبار الأمير مرحلة، ومنه إلى أمان يِسيدان، تفسيره: ماء النعام، ومنه إلى اجر ان ووشان [إگْرْ نْ ووشّانْ، أو: إگْر نْ ووشّْنْ]، أي: فدّان الذئب...".72

أبو بكر بن علي الصنهاجي، المعروف بالبيذق (كان حيّاً سنة 555ه/ 1160م)

  • 73 - نشأ نقاش بين الباحثين في تاريخ الدولة الموحدية عن حقيقة شخصية البيذق، وصحة نسبة الكتابيْن له، ليس (...)
  • 74 - البيذق، أبو بكر بن علي الصنهاجي (كان حيّاً سنة 555ه/1160م): أخبار المهدي بن تومرت، تحقيق وتقديم و (...)

59يعدّ البيذق من تلامذة المهدي بن تومرت وأنصار دعوته، وكان ضمن من صحبوه في رحلة العودة من المشرق سنة 510ه/ 1116م. وهوشاهد عيان على الأحداث التي دوّنها في الكتابين المنسوبين إليه، وهما: أخبار المهدي بن تومرت؛ والمقتبس من كتاب الأنساب في معرفة الأصحاب.73 فقد حضر معظم غزوات المهدي ومعركة البحيرة، وكان من مرافقي جيش خليفة المهدي، عبد المؤمن بن علي في غزو المغربين الأقصى والأوسط. ولعله توفي أواخر عهد عبد المؤمن.74

60تميزت لغة البيذق في الكتابيْن بالبساطة في التعبير، فلغته لا تكلّف فيها، بل هي أقرب للّغة الشفهية أحياناً، فنجده يخلط اللغة العربية بالعامية وبالأمازيغية في جملة واحدة، وهذا ربما بسبب ضعف مستواه في العربية. ويبدو أن همّه لم يكن سوى تدوين الخبر بأيسر كلفة.

61يتراوح استعمال البيذق للأمازيغية في كتابيْه بين كلمات محدودة، في شكل مصطلحات، وبين عبارات وجمل تتفاوت في الطول والقِصر؛ فضلاً عن كمٍّ كبير من أسماء الأماكن والأشخاص والقبائل. ومن نماذج المصطلحات ذات الدلالة الخاصة:

    • 75 - البيذق: أخبار المهدي، طبعة الرباط (م. س)، ص. 33.

    أَساراگْ:75 ويعني المكان الواسع، وفي الاصطلاح الموحدي "رحبة القصر" المخصصة للاستعراضات. ويقصد به في نص البيذق: الحظيرة المعدّة لربط الخيول.

    • 76 - البيذق: أخبار المهدي، طبعة الرباط (م. س)، ص. 33، 56، 81.
    • 77 - عن دلالات أسماس، ودوره الاجتماعي عند المصامدة، يُنظر:

    أسْماسْ:76 هو طعام وليمة أو مأدبة جماعية معروف لدى المصامدة، يُصنع بمناسبة إنشاء التحالفات أو تقويتها لخوض الحرب ضد حلف أو قبيلة أخرى77.

    • 78 - البيذق: أخبار المهدي (م. س)، ص. 48. وذكر في (ص. 95): "أَسْنْگار" وهو الذرة.

    أمْزگورْ:78 من أنواع الذرة، ولعله "البكري" منها (من: إِزْوارْ، بمعنى تقدم).

    • 79 - البيذق: أخبار المهدي (م. ن)، ص. 57.

    أگْراو:79 يعني المجمع، وفي النص يدل على مكان يعظ فيه الخليفة الأتباع من الموحدين.

    • 80 - البيذق: أخبار المهدي (م. ن)، ص. 79.
    • 81 - Ghouirgate, L'ordre almohade (op. cit), p. 502.

    إيمي ن تْگمّي:80 لغةً: باب الدار. لكنه في الاصطلاح الموحدي، يعني الحد الذي يفصل المجال المخصص للخليفة وأسرته داخل القصر (دار الخليفة) عن بقية القصر.81

    • 82 - البيذق: أخبار المهدي (م. ن)، ص. 41، 50، 60.

    تيظاف/برج تيظاف:82 تيظاف، معناها الحراسة أو الاستخبار والاستطلاع؛ وبرج تيظاف، يعني برج الحراسة، أو "المحرس" في الاصطلاح العسكري.

62يشار إلى أن أغلب هذه المفردات وغيرها لا تزال تتداول في عصرنا، مما يدل على أن اللسان المصمودي لم يتغير كثيراً منذ العصر الموحدي.

  • 83 - البيذق (نفسه): المقتبس من كتاب الأنساب في معرفة الأصحاب، تحقيق: عبد الوهاب بن منصور (1971)، الربا (...)

63أما العبارات والجمل فيوردها البيذق عندما تكون حواراً بين اثنين، أو خطاباً من ابن تومرت للأتباع...، مع ملاحظة أنه ينقل المعنى إلى العربية أحياناً، وأحياناً أخرى لا يحرص على ذلك. ومن نماذج تلك العبارات، حديثه عن سبب تسمية والد المهدي ب (تومَرْت)، بقوله: "وذلك بأنه لـمّا وُلد [والد المهدي] فرحت به أمه وسرّت فقالت باللسان الغربي: آتومَرتْ آينو آيسَّكْ آييوي، معناه: يا فرحتي بك يا بني".83

  • 84 - البيذق: أخبار المهدي (م. س)، ص. 26.

64ومن ذلك أيضاً ما خاطب به ابن تومرت القائمين، من المرابطين، على استخلاص واجبات الطريق على وادي أم الربيع، عندما منعوه ومن معه من العبور قبل أداء المكس، قائلاً لهم: "آوْمَوْرَنْ مَلُّولْنينْ اِنْ سُوسْ آداوْنْ ناكّْ".84 ومعناها: "إنما خيول سوس البيضاء ما سنعطيكم"، وهو تهديد مبطن بالحرب عليهم إنْ لم يسمحوا لهم بالجواز، وسمحوا لهم دون مقابل.

  • 85 - البيذق: أخبار المهدي (م. ن)، ص. 61.

65ومنها أيضاً ما أورده البيذق جواباً من الموحدين عن سؤال عبد المؤمن لهم عن مبدئهم (شعارهم) وهم يتهيئون لإحدى المعارك، قائلين له: "أنغْزُو السُّنتْ وردام نَبْظي".85 ومعنى كلامهم: "الغزو سنة لا نرضى مُفارَقتَها".

  • 86 - البيذق: المقتبس (م. س)، ص 39.

66ومن الأمثلة في هذا الباب كذلك، ما وقع لعبد المؤمن مع قبيلة هرغة التي آخى المهدي بينهما، فعندما توفي المهدي عمَد أعيان هرغة إلى صنع طعام أسْماسْ (المذكور أعلاه)، ربما لتجديد العهد مع خليفته عبد المؤمن، وساهم فيه كلٌّ بنصيبه إلا عبد المؤمن نفسه، لأنه لم يُخبر به، فما كان منه إلا أن غضب وأنّبهم بقوله: "مازْكغ وَرَّانَغْ تَفيسَمْ نَغْ يُوشَكْ وانُدى كَرانَغِيدَونْ يَسَنَّلْكَمَنْ".86 ومعناه: "لماذا فسختم ما يربطني بكم؟"، وهجرهم ثلاثة أيام، وأمرهم بإعادة صنع الطعام مع إشراكه في المساهمة فيه، ولم يسمح لهم بالعودة لمثل ذلك السلوك.

  • 87 - البيذق: المقتبس (م. ن)، ص 41.

67ومن ذلك أيضاً ما ساقه البيذق شهادةً من المهدي بن تومرت في حق الشيخ أبي مروان عبد الملك بن يحيى: "أبو مروان ديزَمْ يَلولانْ تانَبْدوتْ وَرْيوكيلْ آرصّاصْ".87 ومعناه الجزئي بالتقريب: "أبو مروان مثل الأسد المولود في فصل الصيف..."، كناية عن شجاعته وإقدامه.

  • 88 -البيذق (نفسه): أخبار المهدي بن تومرت، مخطوط بمكتبة دير الإسكريال، رقم 1919. عني بنشره المستشرق ليف (...)

68وخشية التباس المعنى بسبب الكتابة باللغة الأمازيغية، اجتهد ناسخ كتاب أخبار المهدي بن تومرت في ضبط بعض الحروف الأعجمية (البربرية) بأنْ رسم كافاً فوق الجيم ليُعلَم أنها (گاف)، خاصة عندما ترد في أسماء الأشخاص والقبائل والأماكن وغيرها.88

69جدير بالإشارة أن القراءة السليمة لهذه العبارات وتحديد معانيها يقتضي تعاوناً بين الباحثين في التاريخ واللغة واللسانيات، فضلاً عن العودة إلى الأصول المخطوطة لهذه الكتب. ومن دون هذا، سيجد الباحث صعوبة في فهم كثير من هذه النصوص، بالرغم من أن عدداً من عباراتها لم يتغير رسمها، وتحمل ذات المعنى إلى اليوم.

الشريف الإدريسي (توفي نحو سنة 560ه/ 1165م)

70اشتهر الإدريسي بكونه جغرافياً، من خلال كتابيْه المعروفيْن: نزهة المشتاق في اختراق الآفاق، الذي ألّفه بطلب من ملك صقليه رجار الثاني (Roger II)، وكتاب: أُنْس المـُهَج وروض الفُرَج، الذي وضعه لولد رجار وخليفته في الحكم، غليالم الأول (Guillaume I).

  • 89 - من ذلك حديثه عن نوع من الحنطة بمدينة سجلماسة، قال إنها تسمى: "يردن تيزواو". وعندهم "الحيوان المسم (...)
  • 90 - يرد في جلّ المصادر مختصراً، بصيغة: الجامع لصفات أشتات النبات، وأحيانا باسم: كتاب الأدوية المفردة، (...)

71وبالرغم من أن الإدريسي لم يدرج على استعمال مقابلات أمازيغية لمفردات عربية في هذين الكتابين سوى في مواضع محدودة.89 إلا أنه توسع في توظيفها بشكل لافت في كتاب ثالث، وضعه في الأدوية والعقاقير، واسمه: الجامع لصفات أشتات النبات وضروب أنواع المفردات من الأشجار والثمار والأصول والأزهار وأعضاء الحيوان والمعادن والأطيار.90

  • 91 - ابن أبي أصيبعة، أبو العباس أحمد بن القاسم الخزرجي الشامي (ت. 668هـ/1269م): عيون الأنباء في طبقات (...)
  • 92 - Leclerc, Lucien., Histoire de la médecine arabe, Paris, 1876 (réédité par Le Ministère des Habous (...)
  • 93 - ابن البيطار، ضياء الدين أبي محمد عبد الله بن أحمد الأندلسي المالقي (ت. 646هـ/1248م): الجامع لمفرد (...)

72ويعتبر ابن أبي أصيبعة (ت. 668هـ/1269م) أول من ذكره في معجمه عن طبقات الأطباء، وأورده بعنوان: كتاب الأدوية المفردة، ووصفَ الإدريسي بأنه "كان فاضلا عالماً بقوى الأدوية المفردة ومنافعها ومنابتها وأعيانها".91 كما نقل ابن البيطار (ت 646هـ/1248م) عن كتاب الإدريسي هذا مائتي مرة،92 وضمّن تلك النقول في كتابه: الجامع لمفردات الأدوية والأغذية.93

  • 94 - واحدة بمكتبة سلطان فاتح باستانبول، رقمها: 3610، والأخرى بمكتبة مجلس الشورى الإيراني، رقمها: 18120 (...)
  • 95 - الإدريسي، أبو عبد الله محمد بن محمد بن عبد الله بن إدريس (ت. نحو 560هـ/1165م): الجامع لصفات أشتات (...)
  • 96 - مؤنس، حسين (1986): تاريخ الجغرافية والجغرافيين في الأندلس، نشر: المنظمة العربية للتربية والثقافة (...)

73لا يزال كتاب الإدريسي مخطوطاً، وتُعرف له نسختان،94 أشرف فؤاد سزگين على نشرهما إلى بعضهما بطريقة الفاكسيميلي.95 وقد ساد الاعتقاد بفقدان الكتاب قروناً، إلى أن عثر الطبيب الألماني ماكس مايرهوف (Max Mayerhof)، سنة 1928 على نسخة مكتبة فاتح باستانبول،96 وهي مبتورة وغير مؤرخة، ذكر ناسخها أنه نقلها عن الأصل الذي كتبه الإدريسي بيده.

  • 97 - النص المخطوط، نسخة القاهرة، ص5.

74ذكر الإدريسي في المقدمة مبررات تأليفه هذا الكتاب ومنهجه فيه، مشيراً إلى أنه يتضمن وصفاً لألف ومائتي (1200) دواء مرتبة على حروف المعجم، يورد أسماءها بأكثر من لغة، قائلاً: "فألّفْتُ عند ذلك هذا الكتاب، ورتّبت جميع أسمائه على نص حروف ابجد هوز (...) وسمّيته بكتاب الجامع لصفات أشتات النبات وضروب أنواع المفردات من الأشجار والثِّمار والحَشائش والأزهار والحيوانات والمعادن، وتفسير معجم أسمائها بالسريانية واليونانية والفارسية واللطينية والبربرية".97

75وفي الآتي نماذج من أسماء العقاقير التي يورد الإدريسي مقابلاتها بعدة لغات، منها البربرية:

    • 98 - الإدريسي: الجامع (م. ن)، ج1، ص 25. و(أسنگار) اسم للذرة أيضاً.

    الرز: هـو حب نبات (...) يـسمّى بالعربية: أرز، وبالبربرية: أسنكار؛98

    • 99 - الإدريسي: الجامع (م. ن)، ج1، ص 29.

    إجاص: الشاهلوج، وهو عيون البقر(...)باليونانية: قوقيميلا، وبالبربرية: طبطفّا؛99

    • 100 - الإدريسي: الجامع (م. ن)، ج1، ص 36.

    أناغالس: اسم سرياني(...)يـسـمّى بـاليونانية: فتجورنون، ويـسمّى بالعربية: خمخم، ويـسمّى بالبربـرية: ايـزروالين؛100

    • 101 - الإدريسي: الجامع (م. ن)، ج1، ص 45.

    أثل: هو نوع من الطرفا (...) تـسمّى ثمرته بالعربية: العذبة، وباليـونانية: أقاقياس، وبالبربرية: تاكوت؛101

    • 102 - الإدريسي: الجامع (م. ن)، ج1، ص 50.

    أقحوان: بالعربية (...) وبالبربرية: ألوشن؛102

    • 103 - الإدريسي: الجامع (م. ن)، ج1، ص 55.

    أفيثمون: يـسمّى بالبربرية: ثيوتن؛103

    • 104 - الإدريسي: الجامع (م. ن)، ج1، ص 60.

    ألينى: باليونانية: وازمان، وبـاللطينـية وبالهندية: أومِهرا، وبالبربرية: ماكشفال؛104

    • 105 - الإدريسي: الجامع (م. ن)، ج1، ص 119.

    بردي: بالرومية (...) ويسمى بالبربرية: تبوذا؛105

    • 106 - الإدريسي: الجامع (م. ن)، ج1، ص 126.

    باقلا: باليوناني: قابش فريامن، ويسمى بالبربرية: أبيون؛106

    • 107 - الإدريسي: الجامع (م. ن)، ج1، ص 169.

    بقم: بالعربية، وبالبربرية: بنجمارن؛107

    • 108 - الإدريسي: الجامع (م. ن)، ج1، ص 228.

    جمّار: هو الدوم بالعربية (...) وبالبربرية: أغازاز؛108

    • 109 - الإدريسي: الجامع (م. ن)، ج1، ص 254.

    دردار: بالبربرية: أسكس.109

    • 110 - الإدريسي: الجامع (م. ن)، ج2، ص 106. كذا ورد في الأصل، ولعله تصحيف لكلمة: تيرفاس.

    كمأة بالعربية (...) وتسمى بالفارسية: هوده (...) وبالبربرية: يترفاس110

76تلك كانت أمثلةً محدودةً منتقاة من عمل الشريف الإدريسي، تبيّن تملّكه اللسان الأمازيغي، من جهة، فهو المنحدر من بيئة مغربية كان فيها استعمال هذا اللسان في زمانه (العصر الموحدي) مسألة طبيعية، بل نالت تشجيعاً من قِبل بعض أولي الأمر. ومن جهة أخرى تدلّ على وعيه بأهمية هذه اللغة والحاجة إلى معرفتها، لذا، عمَد إلى جعلها من اللغات المعدودة التي وضع بها مقابِلات لأسماء مئات النباتات والعقاقير الواردة في كتابه الذي تبدو الحاجة إلى تحقيقه وإخراجه ماسّة للغاية.

عبد الرحمن بن خلدون (توفي سنة 808هـ/ 1406م)

  • 111 - ابن خلدون، عبد الرحمن (ت. 808هـ/ 1406م): المقدمة، تحقيق: علي عبد الواحد وافي (2006)، القاهرة، مكت (...)
  • 112 - ابن خلدون: المقدمة (م. ن)، ج1، ص327.
  • 113 - ابن خلدون: المقدمة (م. ن)، ج1، ص327.

77أسس ابن خلدون في المقدمة لقاعدة توضح كيفية تعامله مع أصوات لغات غير العرب، ومنها أصوات اللغة الأمازيغية، وطريقة كتابتها بالحروف العربية في كتبه، قائلاً: "وقد بقي علينا أن نقدم مقدمة في كيفية وضع الحروف التي ليست من لغات العرب إذا عرضت في كتابنا هذا [يقصد كتاب العبر] فقد يكون لأمّة من الحروف ما ليس لأمّة أخرى".111 مقدماً لرؤيته هذه بفرش منطقي سليم، حين قال: "ولـمـّا كان كتابنا مشتملاً على أخبار البربر وبعض العجم، وكانت تعرض لنا في أسمائهم أو بعض كلماتهم حروفٌ ليست من لغة كتابتنا ولا اصطلاح أوضاعنا اضطُرِرنا إلى بيانه".112 ثم عرّفَنا بعد ذلك بمنهجه في المسألة بقوله: "فاصطلحت في كتابي هذا على أن أضع ذلك الحرف العجمي بما يدل على الحرفين اللّذيْن يكتنفانه ليتوسط القارئ بالمنطق به بين مخرجيْ ذينك الحرفين فتحصل تأديته".113

  • 114 - يقصد الصاد المشمومة بالزاي، أو الزاي المفخمة، ويرد رسمها في المخطوطات بأشكال مختلفة: رسم الصاد وف (...)
  • 115 - يقصد حرف الگاف (گ)، ويسمى بالجيم المصرية، أو الجيم غير المعطشة، أو الكاف الأعجمية، أو الكاف المثل (...)
  • 116 - ابن خلدون: المقدمة (م. ن)، ج1، ص328.

78ولم يكتف ابن خلدون بهذا، بل بيّن مصدره في هذا المنهج بقوله: "وإنما اقتبست ذلك من رسم أهل المصحفِ حروفَ الإشمام، كالصراط في قراءة خلف، فإن النطق بصاده فيها معجم متوسط بين الصاد والزاي، فوضعوا الصاد ورسموا في داخلها شكل الزاي، ودلّ ذلك عندهم على التوسط بين الحرفين.114 فكذلك رسمتُ أنا كلّ حرف يتوسط بين حرفين من حروفنا، كالكاف المتوسطة عند البربر بين الكاف الصريحة عندنا والجيم أو القاف، مثل اسم (بلكين)، فأضعها كافاً وأنقطها بنقطة الجيم، واحدة في أسفل، أو بنقطة القاف واحدة من فوق أو اثنتين، فيدلّ ذلك على أنه متوسط بين الكاف والجيم أو القاف، وهذا الحرف أكثر ما يجيء في لغة البربر".115 معمّماً فعله ذاك على بقية المواطن "وما جاء من غيره فعلى هذا القياس: أضع الحرف المتوسط بين حرفين من لغتنا بالحرفين معاً، ليعلم القارئ أنه متوسط فينطق به كذلك، فنكون قد دللنا عليه".116

  • 117 - ابن خلدون: المقدمة (م. ن)، ج1، ص328.

79وقد كان ابن خلدون واعياً بأهمية هذا الذي صنع، بل ومتحسّباً لما يمكن أن ينتج عن عدمه من الأضرار التي ستلحق اللغةَ، بقوله: "ولو وضعناه [يقصد الحرف الأعجمي] برسم الحرف الواحد عن جانبيه لكنّا قد صرفناه من مخرجه إلى مخرج الحرف الذي من لغتنا، وغيّرنا لغة القوم".117

الحسن بن محمد الوزان (توفي بعد سنة 957هـ/ 1550م)

  • 118 - الوزان، الحسن بن محمد، الملقب بليون الإفريقي (ت. بعد 957هـ/1550م): وصف إفريقيا، ترجمة: محمد حجي و (...)

80إذا كان لابن خلدون قاعدته المتميزة في كتابة الأصوات الأعجمية عند نقلها إلى العربية، إمعاناً منه في الدقة والأمانة العلمية، فإن للوزان قيمة مضافة لا تقل أهميةً، فهو ينطلق في تعريفه للّغة الأمازيغية من تصنيف القبائل الناطقة بها، ويدرجها ضمن من يسميهم (الأفارقة البيض)، ويقصد بهم سكان الشمال الإفريقي، باسطاً القول في تركيبتهم، ومساكنهم، ولغتهم بقوله: "ينقسم الأفارقة البيض إلى خمسة شعوب: صنهاجة، ومصمودة، وزناتة، وهوارة، وغمارة (...). إن هذه الشعوب الخمسة المنقسمة إلى مئات السلالات وآلاف المساكن، تستعمل لغةً واحدةً تطلق عليها اسم: أَوالْ أَمَزيغ، أيْ الكلام النبيل، بينما يسميها العرب البربرية. وهي اللغة الإفريقية الأصيلة الممتازة والمختلفة عن غيرها من اللغات".118

  • 119 - الوزان: وصف إفريقيا (م. ن)، ج1، ص. 39.

81ثم انتقل ليصف تركيبة اللغة الأمازيغية وما يكتنفها من ألفاظ ليست منها، مقدماً لذلك تفسيراً يراه راجحاً، بقوله: "ولـمّا كانت مشتملة على عدد من المفردات العربية استدل البعض بذلك على أن الأفارقة ينتمون إلى السبئيين، وهم سكان اليمن كما أسلفنا. لكن أنصار الرأي المخالف يؤكدون أن هذه المفردات إنما أدخلها العرب عندما جاؤوا إلى إفريقيا وفتحوها. وكانت هذه الشعوب في حالة من البداوة والجهالة بحيث لم تترك أي كتاب يؤيد إحدى النظريتين. على أن هناك اختلافاً بين اللهجات، لا في النطق فحسب، ولكن أيضاً في معنى كثير من الألفاظ".119

  • 120 - الوزان: وصف إفريقيا (م. ن)، ج1، ص. 39.

82وواضح أن للوزان معرفةٌ بتفاصيل المشهد اللغوي المغربي الوسيط، حيث وصف حضور العربية في ألْسن بعض القبائل الأمازيغية، مفسّراً ذلك بعامل المجاورة، لأن "الأفارقة الذين هم أقرب إلى مساكن العرب وأوثق صلةً بهم، هم أكثر الأفارقة استعمالاً للكلمات العربية في لهجتهم. فغمارة، إلا أقلّهم، يستعملون العربية، لكنها عربية رديئة، وكذلك الشأن في عدد كبير من قبائل هوارة. والسبب في ذلك أن هذه الشعوب على اتصال شفوي مستمر مع العرب".120

  • 121 - الوزان: وصف إفريقيا (م. ن)، ج1، ص. 39.
  • 122 - الوزان: وصف إفريقيا (م. ن)، ج1، ص. 41.

83وفي المقابل، يؤكد المؤلف تأثر العربية بالألسن الأمازيغية بفعل عامل التساكن والمجاورة أيضا، مقرّراً "ان العرب الذين عاشوا بين الأفارقة وظلوا على اتصال دائم بهم فسُدت لغتهم وصارت خليطاً من اللهجات الإفريقية".121 لكن هذا لا يلغي احتفاظ كل جنس بهويته بالرغم من هذا التداخل اللغوي والامتزاج اللّسني. حتى "إن كل عربي وبربري ظل يحتفظ بكتابة عمود نسب آبائه، وهذا شيء من الأهمية بمكان، يمكّن كل عدل أو محرر عقد رسمي أن يذكر اسم المعني بالأمر وأصله، عربياً كان أو بربرياً".122

خاتمة

84تبيّن من هذه الجولة في ثنايا بعض المصادر العربية الوسيطية أن اللغة الأمازيغية حظيت بنصيب غير قليل من انشغالات أولي الأمر ومدبري الشأن العام خلال الفترة الوسيطية، مع تفاوتات بيّنة بين العصور والأسر التي سادت فيها.

85كما كان للأمازيغية أيضاً حضور عند جملة من كتّاب ومؤلفي العصر الوسيط، وكانت محطّ اهتمامهم بشكل من الأشكال. لذا، فإن نصوص البكري، والبيذق، والإدريسي، وابن خلدون، والوزان، تكتسي أهمية كبيرة في التعرف على تصور المصادر العربية للّغة الأمازيغية وتعاملها معها.

86فالأول تنبّه إلى ضرورة الحفاظ على أسماء الأماكن في لغتها الأصلية (الأمازيغية)، مع نقل معانيها إلى اللغة العربية، وأبقى لنا بذلك كثيراً من مفردات اللغة الأمازيغية التي كانت سائدة خلال العصر الوسيط، والتي ما يزال جلّها يحتفظ بنفس النطق وذات المعاني إلى الوقت الراهن. والثاني سلك منهجاً في التأليف، خلط فيه بين العربية والأمازيغية، ربما لقلة زاده من العربية، وجهله بكثير من مفرداتها وتراكيبها، لكنه حفظ لنا تراثاً لغوياً مهماً. أما الثالث فقد أورد لنا مقابلات أمازيغية عديدة لأسماء النباتات والعقاقير، مثلما صنع باللغات المعروفة في عصره.

  • 123 - يُنظر في هذا الموضوع، مقالا سالم شاكر المشار إليهما سابقاً (في الهامش رقم 71).

87وسطّر الرابع قاعدة دبّر بها إشكالاً لغوياً قديماً متجدداً، يتعلق بكيفية رسم الأصوات وكتابتها. فحفظ للّغة الأمازيغية، بفضل تلك القاعدة، حقها في أن يُعبّر عن كل أصواتها لـمَّا تدون بالحرف العربي. أما خامسهم فقد وضع الإطار العام للأمازيغية، فعرّفها واجتهد في تأصيلها، ووضع خريطةَ انتشارها وتوزيعها، فشمل حديثه مجالها، ومميزاتها، وكذا الناطقين بها...، وبذلك تظل هذه النصوص مفيدةً، ليس للباحثين في التاريخ فحسب، بل للمشتغلين باللّغات وعلوم الألسن كذلك123.

Haut de page

Bibliographie

المصادر والمراجع

الإدريسي، أبو عبد الله محمد بن محمد بن عبد الله بن إدريس (ت. نحو 560هـ/ 1165م): الجامع لصفات أشتات النبات وضروب أنواع المفردات، 2ج (مخطوط منشور بطريقة الفاكسيميليبإشراف فؤاد سزگين (1995)، معهد تاريخ العلوم العربية والإسلامية، في إطار جامعة فرانكفورت، ألمانيا الاتحادية.

الإدريسي (نفسه): نزهة المشتاق في اختراق الآفاق،2ج، تحقيق: مجموعة من الباحثين، تحت إشراف المعهد الجامعي للدراسات الشرقية بنابولي، I.U.O.N، 1970-1984، نشر: مكتبة الثقافة الدينية، مصر (د.ت).

ابن الأحمر، أبو الوليد (ت. 810ه/ 1407م): روضة النسرين في دولة بني مرين، نشر: عبد الوهاب بن منصور (1962)، المطبعة الملكية، الرباط.

أسكان، الحسين (2006): "التحولات اللغوية بالمغرب خلال العصر الوسيط"، ضمن: مساهمات في دراسة الثقافة الأمازيغية، تكريماً للأستاذ العميد محمد شفيق، منشورات المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، الرباط، مطبعة المعارف الجديدة، ط1، ص ص: 97-113.

ابن أبي أصيبعة، موفق الدين أبو العباس أحمد بن القاسم الخزرجي الشامي (ت. 668هـ/1269م): عيون الأنباء في طبقات الأطباء، ضبط وتصحيح: محمد باسل عيون السود (1998)، بيروت، دار الكتب العلمية، ط1.

البكري، أبو عبيد (ت. 487هـ/1094م): الـمُغرب في ذكر بلاد إفريقية والمغرب (وهو جزء من كتاب المسالك والممالك)، نشر: البارون دو سلان (1911)، باريس.

بِلْ، ألْفرد: الفرق الإسلامية في الشمال الإفريقي، من الفتح العربي حتى اليوم، ترجمة: عبد الرحمن بدوي (1987)، بيروت، دار الغرب الإسلامي، ط3.

بوكوس، أحمد (1989): "أمازيغية"، معلمة المغرب، الرباط، الجمعية المغربية للتأليف والترجمة والنشر، مطابع سلا، ج2، ص ص: 679-684.

بوكوس، أحمد (1995): "تريفيت"، معلمة المغرب، الرباط، الجمعية المغربية للتأليف والترجمة والنشر، مطابع سلا، ج7، ص ص: 2351-2352.

بوكوس، أحمد (1995): "تشلحيت"، معلمة المغرب، الرباط، الجمعية المغربية للتأليف والترجمة والنشر، مطابع سلا، ج7، ص ص: 2380-2381.

بوكوس، أحمد (1995): "تمازيغت"، معلمة المغرب، الرباط، الجمعية المغربية للتأليف والترجمة والنشر، مطابع سلا، ج8، ص ص: 2536-2537.

البيذق، أبو بكر بن علي الصنهاجي (كان حياً سنة 555ه/1160م): أخبار المهدي بن تومرت، مخطوط بمكتبة دير الاسكريال، رقم 1919. نشر: المستشرق ليفي بروفنسال (1928)، مصحوباً بترجمة إلى الفرنسية، مع تعاليق وفهارس، باريس، دار گوتنر (Geuthner).

البيذق (نفسه): أخبار المهدي بن تومرت وبداية دولة الموحدين، تحقيق: عبد الوهاب بن منصور (1971)، الرباط، دار المنصور للطباعة والوراقة.

البيذق (نفسه): أخبار المهدي بن تومرت، تحقيق وتقديم وتعليق: عبد الحميد حاجيات (1986)، الجزائر، المؤسسة الوطنية للكتاب، ط2.

البيذق (نفسه): المقتبس من كتاب الأنساب في معرفة الأصحاب، تحقيق: عبد الوهاب بن منصور (1971)، الرباط، دار المنصور للطباعة والوراقة.

التازي سعود، محمد (2006): الإلمام بخلاصة تاريخ أرض المغارب قبل الإسلام، الرباط مطبوعات أكاديمية المملكة المغربية، سلسلة: تاريخ المغرب، الرباط، مطبعة المعارف الجديدة. 

التميمي الفاسي، أبو عبد الله محمد بن عبد الكريم (ت. 603ه/ 1206م): المستفاد في مناقب العبّاد بمدينة فاس وما يليها من البلاد، 2ج، تحقيق: محمد الشريف (2002)، منشورات كلية الآداب بتطوان، الرباط، طوب بريس، ط1، ج2.

ابن تومرت، محمد، مهدي الموحدين (ت. 524ه/ 1130م): أعزّ ما يُطلب، تقديم وتحقيق: عمّار الطالبي (1985)، الجزائر، المؤسسة الوطنية للكتاب.

تويراس، رحمة (2015): تعريب الدولة والمجتمع بالمغرب الأقصى خلال العصر الموحدي، مؤسسة الإدريسي الفكرية للأبحاث والدراسات، الدار البيضاء، مطبعة النجاح الجديدة، ط1.

حافظي علوي، حسن (2007): المرابطون: الدولة، الاقتصاد، المجتمع، الرباط، جذور للنشر، ط1.

ابن حوقل، أبو القاسم النصيبي (ت. 367ه/977م): صورة الأرض، نشر: كرامرز وآخرون (1938-1939)، ليدن.

ابن الخطيب، لسان الدين محمد بن عبد الله (ت. 776هـ/1374م)، الإحاطة في أخبار غرناطة، ج4، تحقيق: محمد عبد الله عنان (1977)، القاهرة، الشرکة المصرية للطباعة والنشر، مکتبة الخانجي.

ابن خلدون، عبد الرحمن (ت. 808هـ/1406م): المقدمة، تحقيق: علي عبد الواحد وافي (2006)، القاهرة، مكتبة الأسرة، ط2، ج1.

ابن خلكان، أبو العباس شمس الدين أحمد (ت. 681ه/1282م): وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان، تحقيق: إحسان عباس (1968-1977)، بيروت، دار صادر، ج7.

ابن أبي زرع الفاسي، علي (ت. 726هـ/ 1325م): الأنيس المطرب بروض القرطاس في أخبار ملوك المغرب وتاريخ مدينة فاس، تحقيق: عبد الوهاب بنمنصور (1999الرباط، المطبعة الملكية، ط2.

ابن الزيات التادلي، أبو يعقوب يوسف بن يحيى (ت. 627ه/ 1230م): التشوف إلى رجال التصوف، تحقيق: أحمد التوفيق (1984)، منشورات كلية الآداب بالرباط، الدار البيضاء، مطبعة النجاح الجديدة، ط1.

العبدري، أبو عبد الله محمد بن محمد (ت. بعد سنة 700ه/1300م): رحلة العبدري، تحقيق: علي إبراهيم كردي (2005)، دمشق، دار سعد الدين للطباعة والنشر والتوزيع، ط2.

ابن عذاري المراكشي (ت. بعد 712هـ/1312م): البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب، تحقيق: إحسان عباس، وجورج كولان وليفي بروفنسال (1983)، بيروت، دار الثقافة، ط3، ج1.

العزفي، أبو العباس (ت. 633ه/1236م): دعامة اليقين في زعامة المتقين (مناقب الشيخ أبي يعزى)، تحقيق: أحمد التوفيق (1989)، الرباط، مكتبة خدمة الكتاب، ط1.

الفيگيگي، حسن (1998): "حاميم"، معلمة المغرب، الرباط، الجمعية المغربية للتأليف والترجمة والنشر، مطابع سلا، ج10، ص 3286-3287.

القادري بوتشيش، إبراهيم (1995): الإسلام السرّي في المغرب العربي، القاهرة، سينا للنشر، ط1.

القبلي، محمد (2016): "الوضع اللغوي بشمال إفريقيا في العصر الوسيط"، حوار مع مجلة أسيناگ، ع. 11، ص ص 81-86.

القبلي، محمد (إشراف وتقديم): تاريخ المغرب، تحيين وتركيب، منشورات المعهد الملكي للبحث في تاريخ المغرب (2012)، الرباط، منشورات عكاظ، السحب الثاني.

ابن القطان المراكشي (ت. 628ه/1230م): نظم الجمان لترتيب ما سلف من أخبار الزمان، تحقيق: محمود علي مكي (1990)، بيروت، دار الغرب الإسلامي، ط1.

الشاطبي، إبراهيم بن موسى بن محمد اللخمي الغرناطي (ت. 790هـ/1388م): الاعتصام، مطبوعات الحلبي، مصر، 1913م.

كتّاب الدولة المؤمنية: مجموع رسائل موحدية من إنشاء كتّاب الدولة المؤمنية، اعتنى بإصدارها ليفي بروفنسال (1941)، مطبوعات معهد العلوم العليا المغربية، الرباط، المطبعة الاقتصادية.

الكفيف الزرهوني (توفي أواسط القرن 8هـ/ 14م): ملعبة الكفيف الزرهوني، تقديم وتعليق وتحقيق: محمد بن شريفة (1987)، الرباط، المطبعة الملكية.

مارمول كربخال (توفي نحو سنة 1008ه/ 1600م): إفريقيا، ترجمة: محمد حجي وآخرون (1984)، الدار البيضاء، مكتبة المعارف، ج1.

المراكشي، عبد الواحد (ت. 647هـ/1249م): الـمُعجب في تلخيص أخبار المغرب، ضبط وتصحيح وتعليق: محمد سعيد العريان ومحمد العربي العلمي (1978)، الدار البيضاء، دار الكتاب، ط7.

المقري التلمساني، أبو العباس أحمد (ت. 1041هـ/1631م): نفح الطيب في ذكر غصن الأندلس الرطيب، تحقيق: إحسان عباس (1997)، بيروت، دار صادر، ج3.

مجهول (يُنسب لابن عبد ربه الحفيد، ت. 602هـ/1206م): كتاب الاستبصار في عجائب الأمصار، نشر وتعليق سعد زغلول عبد الحميد (1986)، الدار البيضاء، دار النشر المغربية، بغداد، دار الشؤون الثقافية العامة.

مجهول (كان حيّاً سنة 712هـ/1312م): مفاخر البربر، تحقيق: عبد القادر بوباية (2005)، الرباط، دار أبي رقراق للطباعة والنشر، ط1.

مجهول (يُنسب لابن سماك العاملي، كان حيّاً سنة 783هـ/ 1381م): الحلل الموشية في ذكـر الأخبار المراكشـية، تحقيق: سهيل زكار، وعبد القادر زمامة (1979)، الدار البيضاء، دار الرشاد الحديثة، ط1.

الملزوزي، أبو فارس عبد العزيز بن عبد الواحد (ت. 697هـ/1297م): نظم السلوك في الأنبياء والخلفاء والملوك، نشر عبد الوهاب بنمنصور (1963)، المطبعة الملكية، الرباط.

مؤنس، حسين (1986): تاريخ الجغرافية والجغرافيين في الأندلس، نشر المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، القاهرة، مكتبة مدبولي، ط 2.

الناصري السلاوي، أبو العباس أحمد بن خالد (ت. 1897م): الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى، أشرف على النشر: محمد حجي، وإبراهيم بوطالب، وأحمد التوفيق (2001)، منشورات وزارة الثقافة والاتصال، الدار البيضاء، مطبعة النجاح الجديدة، ج1.

النجار، عبد المجيد (1983): المهدي بن تومرت، حياته وآراؤه، وثورته الفكرية والاجتماعية، وأثره بالمغرب، بيروت، دار الغرب الإسلامي، ط1.

نوحي، الوافي (2019): "التحالف عند القبائل الأمازيغية، ورمزية (أَسْماسْ) لدى مصامدة العصر الوسيط"، ضمن: التراث اللاّمادي بالجنوب المغربي، الرباط، دار أبي رقراق للطباعة والنشر، ط1، ص ص: 229-235.

الوزان، الحسن بن محمد، الملقب بليون الإفريقي (ت. بعد 957هـ/1550م): وصف إفريقيا، ترجمة: محمد حجي ومحمد الأخضر (1983)، بيروت، دار الغرب الإسلامي، ط2، ج1.

الونشريسي، أبو العباس أحمد بن يحيى (ت. 914هـ/ 1508م): المعيار الـمُعرب والجامع الـمُغرب عن فتاوي أهل إفريقية والأندلس والمغرب، تخريج: جماعة من الفقهاء بإشراف محمد حجي (1981)، نشر وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالمغرب، بيروت، دار الغرب الإسلامي، ج1 و2.

Chaker, Salem (1981), «Données sur la langue berbère à travers les textes anciens : la description de l’Afrique septentrionale d’Abou Obeïd El-Bekri», in : Revue de l'Occident musulman et de la Méditerranée (ROMM),  Vol. 31,  N. 1,  pp. 31-46.

Chaker, Salem (1983) : «La langue berbère à travers l’onomastique médiévale : El-Bekri », in : Revue de l'Occident musulman et de la Méditerranée (ROMM), Vol. 35, N. 1, p. 127- 144.

Galand, Lionel (1991) « Berbères », in : Encyclopédie de l’Islam, NE, T. I, pp. 1208-1222.

Ghouirgate, Mehdi (2014), L'ordre almohade (1120-1269): une nouvelle lecture anthropologique, Toulouse, Presses universitaires du Midi.

Leclerc, Lucien (1980), Histoire de la médecine arabe, Paris, 1876 (réédité par Le Ministère des Habous et des Affaires Islamiques), Rabat, T. II.

Le Tourneau, Roger (1990), “Ha-mim”, in: Encyclopédie de l’Islam, nouvelle édition, Leide, Brill, Paris, Maisonneuve et Larose, Vol. III, p 137.

Haut de page

Notes

1 - ابن عبد الحكم، أبو القاسم عبد الرحمان المصري (ت. سنة 257هـ/870-71م): فتوح مصر وأخبارها، تحقيق شارل توري (1921). أعادت نشره مكتبة مدبولي، القاهرة، ط1، 1991، ص170.

2 - أبو الفضل، عبد الكريم بن سعيد (ق 10هـ/ 16م): العيون الـمُرضية في ذكر بعض مناقب الطائفة الرجراجية، دراسة: عبد الكريم كريم (1987)، الرباط.

3 - انخرطت القبائل الأمازيغية في نشر الدين الجديد منذ تعرفهم عليه. ففي زمن الأدارسة، وغداة بيعة إدريس الأول، عمد إلى تشكيل جيش من وجوه قبائل زناتة وأوربة وصنهاجة وهوارة وغيرهم، وخرج بهم غازياً إلى بلاد تامسنا، وغيرها من البلاد. للتفصيل في المسألة، انظر:

ابن أبي زرع الفاسي، على (ت. 726هـ/ 1325م): الأنيس المطرب بروض القرطاس في أخبار ملوك المغرب وتاريخ مدينة فاس، تحقيق: عبد الوهاب بنمنصور (1999)، الرباط، المطبعة الملكية، ط2، ص ص: 23-24.

4 - تذكر بعض الروايات التاريخية أن الجيش الذي جهّزه طارق بن زياد لفتح الأندلس كان بين اثني عشر ألفاً وثلاثة عشر ألف مقاتل، منهم بضع عشرات من العرب، حمَلة الألوية، أما بقية الجند فكانوا من الأمازيغ. راجع على سبيل المثال:

الناصري السلاوي، أبو العباس أحمد بن خالد (ت. 1897م): الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى، أشرف على النشر: محمد حجي وآخرون (2001)، منشورات وزارة الثقافة والاتصال، الدار البيضاء، مطبعة النجاح الجديدة، ج1، ص 123.

5 - أنجز المستشرق البولوني تاديوش ليفيتشكي (Tadeusz Lewicki) عملاً متميزاً اشتغل فيه على القبائل الأمازيغية الواردة في كتاب ابن حوقل، ونشر نتائج دراسته في مقالين مهمين:

Lewicki, Tadeusz (1959), «A propos d'une liste de tribus berbères d'Ibn Hawkal », in : Folia orientalia, Tome. I, Fasc. 1, pp. 128-135.

Lewicki, Tadeusz (1971), «Du nouveaux sur la liste des tribus berbères d’Ibn Hawkal», in : Folia orientalia, Tome. XIII, pp. 171-200.

6 - بوكوس، أحمد (1989): "أمازيغية"، معلمة المغرب، الرباط، الجمعية المغربية للتأليف والترجمة والنشر، مطابع سلا، ج2، ص ص:679-684، ص. 679.

7 - بوكوس: "أمازيغية" (م. ن) ص. 680.

8 - التازي سعود، محمد (2006): الإلمام بخلاصة تاريخ أرض المغارب قبل الإسلام، الرباط مطبوعات أكاديمية المملكة المغربية، سلسلة: تاريخ المغرب، الرباط، مطبعة المعارف الجديدة، ص 29. 

9 - بوكوس، أحمد (1995): "تريفيت"، معلمة المغرب، ج7، ص ص: 2351-2352.

10 - بوكوس، أحمد (1995): "تشلحيت"، معلمة المغرب، ج7، ص ص: 2380-2381.

11 - بوكوس، أحمد (1995): "تمازيغت"، معلمة المغرب، ج8، ص ص: 2536-2537.

12 - البكري، أبو عبيد (ت. 487هـ/1094م): الـمُغرب في ذكر بلاد إفريقية والمغرب (وهو جزء من كتاب المسالك والممالك)، نشر: البارون دو سلان (1911)، باريس، ص. 6.

13 - الإدريسي، أبو عبد الله محمد، المعروف بالشريف الإدريسي (ت. 560هـ/1165م) : نزهة المشتاق في اختراق الآفاق، 2ج، تحقيق: مجموعة من الباحثين، تحت إشراف المعهد الجامعي للدراسات الشرقية بنابولي، I.U.O.N، 1970-1984، نشر مكتبة الثقافة الدينية، مصر (د.ت)، ج1، ص 278.

14 - أسكان، الحسين (2006): "التحولات اللغوية بالمغرب خلال العصر الوسيط"، ضمن: مساهمات في دراسة الثقافة الأمازيغية، تكريماً للأستاذ العميد محمد شفيق، الرباط، مطبعة المعارف الجديدة، ط1، ص ص: 97-113، ص 99. أشكر الأستاذ عبد العزيز الخياري، من المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث بالرباط، على مساعدته في فهم مضمون نصّيْ للبكري والإدريسي.

15 - البيذق، أبو بكر بن علي الصنهاجي (كان حيّاً سنة 555ه/1160م): أخبار المهدي بن تومرت وبداية دولة الموحدين، تحقيق عبد الوهاب بن منصور (1971)، الرباط، دار المنصور للطباعة والوراقة، ص. 42.

ويشير مارمول كربخال إلى أن اللغة التي تتحدث بها قبائل صنهاجة، ومصمودة، وزناتة، وغمارة، وهوارة في عصره (القرن 16) مكونة من العربية، والعبرية، واللاّتينية، واليونانية، والإفريقية القديمة. وبالرغم من أن عصر كربخال يتجاوز الفترة التي يهتم بها المقال، إلا أن الفكرة تحتاج لنقاش وبحث في مدى صدقيتها.

كربخال، مارمول (توفي نحو سنة 1008ه/1600م): إفريقيا، ترجمة: محمد حجي وآخرون (1984)، الدار البيضاء، مكتبة المعارف، ج1، ص 115.

16 - القبلي، محمد (إشراف وتقديم): تاريخ المغرب، تحيين وتركيب، منشورات المعهد الملكي للبحث في تاريخ المغرب، الرباط، منشورات عكاظ، السحب الثاني، 2012، ص. 258.

17 - الإدريسي: نزهة المشتاق (م. س)، ج1، ص 246. وعدّ من تلك القبائل: بنو يوسف، وفندلاوة، وبهلول، وزواوة، ومجاصة، وغياتة، وسلالحون.

18 - الإدريسي: نزهة المشتاق (م. ن)، ج1، ص 223.

19 - الإدريسي: نزهة المشتاق (م. ن)، ج1، ص 257.

20 - ابن حوقل، أبو القاسم النصيبي (ت. 367ه/977م): صورة الأرض، نشر: كرامرز وآخرون، ليدن، 1938-1939، ص82.

21 - سورة إبراهيم، الآية: 5.

22 - البكري: الـمُغرب (م. س)، ص 140. وأورد البكري ترجمة عربية لأوائل سورة أيوب، وهي أول سورة من كتاب صالح. والعبارة عند ابن حوقل: "وعمل لهم كلاماً رتّله بلغتهم..". صورة الأرض (م. س)، ص 82، ويسميه: صالح بن عبد الله.

23 - ومنهم ابن خلدون الذي يؤكد أنهم من مصمودة، وأنهم الجيل الأول منها.

24 - مجهول (كان حيّاً سنة 712هـ/ 1312م): مفاخر البربر، تحقيق: عبد القادر بوباية (2005)، الرباط، دار أبي رقراق للطباعة والنشر، ط1، ص. 139، فقد قرر المؤلف في زناتيتهم بقوله: "وأما بورغواطة فإن الكلام في أخبارهم يطول (...) وهم في الأصل من زناتة".

وهو ذات ما ذهب إليه صاحب الاستبصار بقوله: "وأصلهم من زناتة"، مضيفاً أن زعيمهم، صالح بن طريف "دخل إلى بلاد تامسنا، فوجد فيها من زناتة قوماً جهالاً، وكان ذلك سنة 123هـ [741م] فأظهر الإسلام والنسك حتى استفز عقولهم".

- مجهول (يُنسب إلى ابن عبد ربه الحفيد/ ت. 602هـ/1206م): كتاب الاستبصار في عجائب الأمصار، نشر وتعليق: سعد زغلول عبد الحميد (1986)، الدار البيضاء، دار النشر المغربية، بغداد، دار الشؤون الثقافية العامة، ص 197-198.

25 - ابن حوقل: صورة الأرض (م. س)، ص 82.

26 - ابن حوقل: صورة الأرض (م. ن)، ص 82.

27 - البكري: الـمُغرب (م. س)، ص 134-135؛ ابن عذاري المراكشي (ت. بعد 712هـ/1312م): البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب، 4ج، تحقيق: إحسان عباس، وجورج كولان وليفي بروفنسال (1983)، بيروت، دار الثقافة، ط3. ج1، ص 223.

28 - الفيگيگي، حسن: "حاميم"، معلمة المغرب، الرباط، الجمعية المغربية للتأليف والترجمة والنشر، مطابع سلا، 1998، ج10، ص 3286-3287؛ وقارن بما ورد عند البكري: الـمُغرب (م.س)، ص 100.

29 -Le Tourneau, Roger: “Ha-mim”, in: Encyclopédie de l’Islam, nouvelle édition, Leide, Brill, Paris, Maisonneuve et Larose, 1990, Vol. III, p 137.

30 - أثار الباحث إبراهيم القادري بوتشيش أسئلةً مشروعةً بخصوص حاميم ومشروعه في: "حركة المتنبئين والسحرة في الغرب الإسلامي، إعادة تقويم لحركة حاميم خلال القرن 4ه"، ضمن: الإسلام السري في المغرب العربي (1995)، القاهرة، سينا للنشر، ط1، ص ص: 12-44، وهي أسئلة مهمة وجديرة بالتأمل.

31 - البكري: الـمُغرب (م. س)، ص101؛ الفيگيگي: "حاميم" (م. س)، ص3287.

32 - البكري: الـمُغرب (م. ن)، ص 100.

33 - القبلي، محمد (2016): "الوضع اللغوي بشمال إفريقيا في العصر الوسيط"، حوار مع مجلة أسيناگ، ع. 11، ص ص 81-86، ص 84.

34 - ابن خلكان، أبو العباس شمس الدين أحمد (ت. 681ه/1282م): وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان، تحقيق: إحسان عباس (1968-1977)، بيروت، دار صادر، ج7، 114.

35 - ابن خلكان: وفيات الأعيان (م. ن)، ج7، ص. 114.

36 - ابن خلكان: وفيات الأعيان (م. ن)، ج7، ص. 114-115.

37 - هي في الأصل مناظرةٌ جرت وقائعها في مجلس أبي يحيى بن أبي زكرياء أمير الموحدين على سبتة، بين أبي الوليد إسماعيل بن محمد الشقندي (توفي سنة 629ه/1232م) وأبي يحيى بن المعلم الطنجي، وكان موضوعها في التفضيل بين المغرب والأندلس. والرسالة مع ما فيها من تحامل بيّنٍ للشقندي على المرابطين وعلى يوسف بن تاشفين تحديداً، فإنها تتضمن إشارات مهمة تفيد في موضوع هذه الورقات.

راجع النص الكامل لرسالة الشقندي عند:

- المقري التلمساني، أبو العباس أحمد (ت. 1041هـ/1631م): نفح الطيب في ذكر غصن الأندلس الرطيب، تحقيق: إحسان عباس (1997)، بيروت، دار صادر، ج3، ص ص: 186-222.

وانظر تناولاً لبعض مضامين الرسالة عند:

- حافظي علوي، حسن (2007): المرابطون: الدولة، الاقتصاد، المجتمع، الرباط، جذور للنشر، ط1، ص ص: 9-39 (ص. 32، ها. 5).

38 - ونصه، كما ورد عند المقري: نفح الطيب (م. س)، ج3، ص 191: "...فإن المعتمد قال له [لابن تاشفين] أيعلم أمير المسلمين ما قالوه؟ [يقصد شعراء الأندلس] قال: لا أعلم، ولكنهم يطلبون الخبز".

39 - يسمى به لسان المصامدة خلال القرن 6ه/ 12م.

40 - المراكشي، عبد الواحد (ت. 647هـ/1249م): الـمُعجب في تلخيص أخبار المغرب، ضبط وتصحيح وتعليق: محمد سعيد العريان ومحمد العربي العلمي (1978)، الدار البيضاء، دار الكتاب، ط7، ص 274.

وعند صاحب الحلل الموشية، أنه "كان أفصح الناس في اللّسان العربي واللّسان البربري"، راجع:

- مجهول (يُنسب لابن سماك العاملي/ كان حيّاً سنة 783هـ/1381م): الحلل الموشية في ذكـر الأخبار المراكشـية، تحقيق: سهيل زكار، وعبد القادر زمامة (1979)، الدار البيضاء، دار الرشاد الحديثة، ط1، ص 110.

أما ابن خلكان فقد وصف المهدي بأنه "كان شجاعاً فصيحاً في اللسان العربي والمغربي". انظر:

وفيات الأعيان (م. س)، ج5، ص 46.

41 - "وهو يحتوي على معرفة الله تعالى، وسائر العقائد كالعلم بحقيقة القضاء والقدر، والإيمان بما يجب لله تعالى، وما يستحيل عليه، وما يجوز وما يجب على المسلم من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وواخى بينهم فيه". راجع:

- مجهول: الحلل الموشية (م. س)، ص 109-110. وورد هذا النص مختصراً عند ابن القطان المراكشي (ت. 628ه/1230م): نظم الجمان لترتيب ما سلف من أخبار الزمان، تحقيق: محمود علي مكي (1990)، بيروت، دار الغرب الإسلامي، ط1، ص 129.كما أورده عبد الواحد المراكشي بصيغة: "وألّف لهم عقيدة بلسانهم": الـمُعجب (م. س)، ص 274.

42 - ابن أبي زرع: الأنيس المطرب (م. س)، ص 226-227.

43 - مجهول: الحلل الموشية (م. س)، ص 110.

44 - ورد تفصيل عنها في القائمة التي وضعها ناسخ موطأ الإمام المهدي (محاذي الموطأ) لتعليقات ابن تومرت، في نهايته، وعبارته: "...وهي أعزّ ما يُطلب (...) المرشدة (...) وفيه باللسان الغربي: السبعة أحزاب، الدواتر [كذا]، وهو الطهارة، علامة المنافق أمحانت أكوصت تازكوت ان تيتار نوفنادر ان يا العالمين[كذا]، وغير ذلك من التعاليق المفيدة...". انظر:

- ابن تومرت، محمد (مهدي الموحدين): أعزّ ما يُطلب، تقديم وتحقيق: عمّار الطالبي، الجزائر، المؤسسة الوطنية للكتاب، 1985، ص 14 (من مقدمة المحقق).

45 - ابن خلدون، عبد الرحمن (ت. 808هـ/1406م): كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر، بيروت، دار الكتب العلمية، ط3، 2006، ج6، ص 268.

وقد لخّص ابن النقاش منهجية ابن تومرت في التعليم والتوجيه وصفاً بليغاً، فقد "كان من حزمه وحرصه على هداية الخلق واستمرار كلمة الحق، أن سهّل على الناس طرق الاستدلال، ووضع تصانيف للعقائد رفعاً للالتباس عليهم، وبياناً للإشكال. وكان يأتي كل قوم بلغتهم، وكل طائفة من بابها، حتى لقد رأيت له عقيدة باللّسان البربري وبالمصمودي. ولم يزل رضي الله عنه على ذلك إلى أن اشتهرت الطريقة الدينية واتضحت الملّة الحنيفية...". انظر:

- ابن النقاش، أبو عبد الله محمد بن أبي العباس أحمد بن إسماعيل بن علي الأموي: الدرة المفردة في شرح العقيدة المرشدة، مخطوط بالمكتبة الوطنية للمملكة المغربية، رقم 283 ق، و2691 ك، ص 305. نقلته عن: عبد المجيد النجار (1983): المهدي بن تومرت، حياته وآراؤه، وثورته الفكرية والاجتماعية، وأثره بالمغرب، بيروت، دار الغرب الإسلامي، ط1، ص455.

46 - انظر: الشاطبي، إبراهيم بن موسى بن محمد اللخمي الغرناطي (ت. 790هـ/1388م): الاعتصام، مطبوعات الحلبي، مصر، 1332ه/ 1913م، ج1، ص 207.

47 - الونشريسي، أبو العباس أحمد بن يحيى (ت. 914هـ/1508م): المعيار الـمُعرب والجامع الـمُغرب عن فتاوي أهل إفريقية والأندلس والمغرب، تخريج: جماعة من الفقهاء بإشراف محمد حجي (1981)، نشر وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالمغرب، بيروت، دار الغرب الإسلامي، ج2، ص 461، 465.

48 -فقد ورد في رسالته إلى طلبة بجاية: "...ويؤمر الذين يفهمون اللسانَ الغربيَّ ويتكلّمون به أن يقرأوا التوحيد [يقصد التوحيد التومرتي] بذلك اللسان، من أوّله إلى آخر القول في المعجزات ويحفظوه ويفصُّوه، ويلازموا قراءتَه ويتعهّدوه". كتّاب الدولة المؤمنية: مجموع رسائل موحدية من إنشاء كتّاب الدولة المؤمنية، اعتنى بإصدارها ليفي بروفنسال (1941)، مطبوعات معهد العلوم العليا المغربية، الرباط، المطبعة الاقتصادية، الرسالة الثالثة والعشرون، ص 132.

49 - المراكشي: الـمُعجب (م. س)، ص 485.

50 - ابن أبي زرع الفاسي: الأنيس المطرب (م. س)، ص87.

ورد هذا النص، مع بعض الاختلاف، عند: الجزنائي، علي (ق. 9هـ/15م): جَنَى زهرة الآس فى بناء مدينه فاس، تحقيق: عبد الوهاب بنمنصور (1991الرباط، المطبعة الملكية، ط2، ص 56.

ولمعرفة المزيد عن الوضع اللغوي في العصر الوسيط عموماً، والموحدي منه على الخصوص، يُنظر:

- Meouak, Mohamed (2015), La langue berbère au Maghreb médiéval : Textes, contextes, analyses, Brill.

- El Hour, Rachid (2015), « Reflexiones acerca de las dinastías bereberes y lengua bereber en el Magreb medieval », in : MEAH (Miscelánea de Estudios Árabes y Hebraicos), Sección Arabe-Islam, 64, pp. 43-55.

51 - ونصه: "وكانت خطبة الجمعة في مساجد الموحدين تُلقى باللغة البربرية، وكذلك خطبة العيد". انظر:

-ألْفرد بِلْ: الفرق الإسلامية في الشمال الإفريقي، من الفتح العربي حتى اليوم، ترجمة: عبد الرحمن بدوي (1987)، بيروت، دار الغرب الإسلامي، ط3، ص265.

52 - تويراس، رحمة (2015): تعريب الدولة والمجتمع بالمغرب الأقصى خلال العصر الموحدي، مؤسسة الإدريسي الفكرية للأبحاث والدراسات، الدار البيضاء، مطبعة النجاح الجديدة، ص 224.

53 -Ghouirgate, Mehdi, L'ordre almohade (1120-1269): une nouvelle lecture anthropologique, Toulouse, Presses universitaires du Midi, 2014, p. 229.

54 - Galand, Lionel (1991) « Berbères », in : Encyclopédie de l’Islam, NE, T. I, pp. 1208-1222, p. 1215.

55 - العجمية، أو لغة البربر، أو لغة المرينيين، أو اللسان الزناتي كما يسميها مؤرخو ذلك العصر.

56 - ابن أبي زرع: الأنيس المطرب (م. س)، ص365. وقد فصّل المؤلف في تلك الأسباب في تالي الصفحات
(ص ص: 365-368).

57 - الملزوزي، أبو فارس عبد العزيز بن عبد الواحد (ت. 697هـ/1297م): نظم السلوك في الأنبياء والخلفاء والملوك، نشر: عبد الوهاب بن منصور (1963)، المطبعة الملكية، الرباط، ص 68. وهي أرجوزة تقع في 1325 بيتاً.

58 - ابن الأحمر، أبو الوليد (ت. 810ه/1407م): روضة النسرين في دولة بني مرين، نشر: عبد الوهاب بن منصور (1962)، المطبعة الملكية، الرباط، ص 8.

59 - لسان الدين ابن الخطيب، محمد بن عبد الله (ت.776 هـ/1374م)، الإحاطة في أخبار غرناطة، ج4، تحقيق: محمد عبد الله عنان (1977)، القاهرة، الشرکة المصرية للطباعة والنشر، مکتبة الخانجي، ص 21.

غير أني لم أقف في أرجوزة نظم السلوك، المذكورة، على شيء من الشعر مزدوج اللغة، ولعله في قصائد غيرها لم تصلنا.

60 - الكفيف الزرهوني: ملعبة الكفيف الزرهوني، تقديم وتعليق وتحقيق: محمد بن شريفة (1987)، الرباط، المطبعة الملكية، ص 73، البيت: 114. وما بين القوسين المعقوفين زيادة مني لشرح الکلمات الأمازيغية.

61 - الزرهوني: ملعبة (م. ن)، ص 73، البيت: 116.

62 - الزرهوني: ملعبة (م. ن)، ص 79، البيت: 142.

63 - الزرهوني: ملعبة (م. ن)، ص 92، البيت: 221.

64 - الونشريسي: المعيار الـمُعرب (م. س) ج1، ص 186.

65 - ابن الزيات التادلي، أبو يعقوب يوسف بن يحيى (ت. 627ه/1230م): التشوف إلى رجال التصوف، تحقيق: أحمد التوفيق (1984)، منشورات كلية الآداب بالرباط، الدار البيضاء، مطبعة النجاح الجديدة، ط1، ص: 401 (الترجمة رقم: 223).

66 - من ذلك ما حكاه عنه يومَ شكى الناس إليه القحط واحتباس المطر، وسألوه الدعاء "ورفع يديه والناس خلفه، وكان لا يحسن العربية، ففهمتُ من كلامه أنه قال: يا سيدي..."؛ ومن ذلك أيضاً أنه إذا "أخذ في الدعاء باللسان الغربي، بل العجمي، لا يبقى أحد في المسجد إلا خشع وبكى، وأخذته حالة شريفة وحضور قلب ورقّة لا يوجد مثلها عند دعاء غيره. وكنت أجد ذلك من نفسي مع أني لا أفهم ما يقول". انظر:

التميمي الفاسي، أبو عبد الله محمد بن عبد الكريم (ت. 603ه/1206م): المستفاد في مناقب العبّاد بمدينة فاس وما يليها من البلاد، تحقيق: محمد الشريف (2002) منشورات كلية الآداب بتطوان، الرباط، طوب بريس، ط1، ج2، ص 32، 36.

67 - التادلي: التشوف (م. س)، ص 218.

68 - العزفي، أبو العباس (ت. 633ه/1236م): دعامة اليقين في زعامة المتقين (مناقب الشيخ أبي يعزى)، تحقيق: أحمد التوفيق (1989)، الرباط، مكتبة خدمة الكتاب، ص 59 على سبيل المثال.

69 - الاقتصار على هذه الأمثلة الخمسة هو لضرورة منهجية تروم التركيز والاختصار، ولا ينفي ذلك وجود مصادر أخرى ساهمت بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، في تشكيل صورة اللغة الأمازيغية بالمغرب الأقصى خلال العصر الوسيط. من ذلك ما نجده متفرقاً في كتاب الـمُعجب لعبد الواحد المراكشي (ص 262، 482...)، ونظم الجمان لابن القطان (ص 90 مثلاً)؛ وما كتبه العبدري الحيحي في رحلته عندما انتقد تفسيرات البكري لبعض ألفاظ اللّغة الأمازيغية. انظر:

العبدري، أبو عبد الله محمد بن محمد (ت. بعد سنة 700ه/1300م): رحلة العبدري، تحقيق: علي ابراهيم كردي (2005)، دمشق، دار سعد الدين، ط2، ص 339.

70 - من ذلك مثلاً ما أورده عن "بورغواطة"، حيث يعتبر كتابه المصدر الأساسي الذي استقى منه الدارسون معلوماتهم عن هذه النِّحلة.

71 - Chaker, Salem (1981) : «Données sur la langue berbère à travers les textes anciens : la description de l’Afrique septentrionale d’Abou Obeïd El-Bekri», in : Revue de l'Occident musulman et de la Méditerranée (ROMM), Vol. 31,  N. 1,  pp. 31-46.

-Chaker, Salem (1983) : «La langue berbère à travers l’onomastique médiévale : El-Bekri », in : Revue de l'Occident musulman et de la Méditerranée (ROMM), Vol. 35, N. 1, p. 127- 144.

72 - البكري: الـمُغرب (م.ن)، ص 156.

73 - نشأ نقاش بين الباحثين في تاريخ الدولة الموحدية عن حقيقة شخصية البيذق، وصحة نسبة الكتابيْن له، ليس هذا محل التفصيل فيه. كما كان كتابه: أخبار المهدي بن تومرت مصدراً لبعض المؤرخين اللاحقين عليه، فقد اعتمده كلٌّ من ابن القطان في نظم الجمان؛ وابن عذاري في البيان المغرب.

74 - البيذق، أبو بكر بن علي الصنهاجي (كان حيّاً سنة 555ه/1160م): أخبار المهدي بن تومرت، تحقيق وتقديم وتعليق: عبد الحميد حاجيات (1986)، الجزائر، المؤسسة الوطنية للكتاب، ط2، ص. 10-11.

75 - البيذق: أخبار المهدي، طبعة الرباط (م. س)، ص. 33.

76 - البيذق: أخبار المهدي، طبعة الرباط (م. س)، ص. 33، 56، 81.

77 - عن دلالات أسماس، ودوره الاجتماعي عند المصامدة، يُنظر:

الوافي نوحي (2019):"التحالف عند القبائل الأمازيغية، ورمزية (أَسْماسْ) لدى مصامدة العصر الوسيط"، ضمن: التراث اللاّمادي بالجنوب المغربي، الرباط، دار أبي رقراق للطباعة والنشر، ص ص: 229-235.

78 - البيذق: أخبار المهدي (م. س)، ص. 48. وذكر في (ص. 95): "أَسْنْگار" وهو الذرة.

79 - البيذق: أخبار المهدي (م. ن)، ص. 57.

80 - البيذق: أخبار المهدي (م. ن)، ص. 79.

81 - Ghouirgate, L'ordre almohade (op. cit), p. 502.

82 - البيذق: أخبار المهدي (م. ن)، ص. 41، 50، 60.

83 - البيذق (نفسه): المقتبس من كتاب الأنساب في معرفة الأصحاب، تحقيق: عبد الوهاب بن منصور (1971)، الرباط، دار المنصور للطباعة والوراقة، ص. 27.

84 - البيذق: أخبار المهدي (م. س)، ص. 26.

85 - البيذق: أخبار المهدي (م. ن)، ص. 61.

86 - البيذق: المقتبس (م. س)، ص 39.

87 - البيذق: المقتبس (م. ن)، ص 41.

88 -البيذق (نفسه): أخبار المهدي بن تومرت، مخطوط بمكتبة دير الإسكريال، رقم 1919. عني بنشره المستشرق ليفي بروفنسال، مصحوباً بترجمة إلى الفرنسية، مع تعاليق وفهارس، وصدر في باريس عن دار گوتنر (Geuthner) سنة 1928.

89 - من ذلك حديثه عن نوع من الحنطة بمدينة سجلماسة، قال إنها تسمى: "يردن تيزواو". وعندهم "الحيوان المسمى الحرذون، ويسمونه بلسان البربر أقزيم". نزهة المشتاق (م. س)، ج1، ص. 226. ولعله يقصد "أگجّيم"، الحيوان الزاحف المعروف بالضبّ أيضاً.

وعند حديثه عن أهل السوس الأقصى وصف شراباً لهم بقوله: "وشرابهم المسمى آنزيز [وفي نسخة أخرى: آنزير] وهو حلو يسكر سكراً عظيماً، ويفعل بشاربه ما لا تفعله الخمر (...) يرون شربه حلالاً ما لم يتعدّ به إلى حد السّكْر". نزهة المشتاق (م. س)، ج1، ص. 228.

90 - يرد في جلّ المصادر مختصراً، بصيغة: الجامع لصفات أشتات النبات، وأحيانا باسم: كتاب الأدوية المفردة، أو: الجامع للأدوية المفردة، أو: كتاب المفردات.

91 - ابن أبي أصيبعة، أبو العباس أحمد بن القاسم الخزرجي الشامي (ت. 668هـ/1269م): عيون الأنباء في طبقات الأطباء، ضبط وتصحيح: محمد باسل عيون السود (1998)، بيروت، دار الكتب العلمية، ط1، ص 460.

92 - Leclerc, Lucien., Histoire de la médecine arabe, Paris, 1876 (réédité par Le Ministère des Habous et des Affaires Islamiques), Rabat, 1980, T. II, p. 68-69.

93 - ابن البيطار، ضياء الدين أبي محمد عبد الله بن أحمد الأندلسي المالقي (ت. 646هـ/1248م): الجامع لمفردات الأدوية والأغذية. حقق الكتاب وطبع أكثر من مرة.

94 - واحدة بمكتبة سلطان فاتح باستانبول، رقمها: 3610، والأخرى بمكتبة مجلس الشورى الإيراني، رقمها: 18120. وبدار الكتب القومية بالقاهرة نسخة مصورة تحت رقم: 1542/ طب، وهي المعتمدة في هذا المقال.

95 - الإدريسي، أبو عبد الله محمد بن محمد بن عبد الله بن إدريس (ت. نحو 560هـ/1165م): الجامع لصفات أشتات النبات وضروب أنواع المفردات، معهد تاريخ العلوم العربية والإسلامية، في إطار جامعة فرانكفورت، ألمانيا الاتحادية، 1995.

96 - مؤنس، حسين (1986): تاريخ الجغرافية والجغرافيين في الأندلس، نشر: المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، القاهرة، مكتبة مدبولي، ط2، ص 225.

97 - النص المخطوط، نسخة القاهرة، ص5.

98 - الإدريسي: الجامع (م. ن)، ج1، ص 25. و(أسنگار) اسم للذرة أيضاً.

99 - الإدريسي: الجامع (م. ن)، ج1، ص 29.

100 - الإدريسي: الجامع (م. ن)، ج1، ص 36.

101 - الإدريسي: الجامع (م. ن)، ج1، ص 45.

102 - الإدريسي: الجامع (م. ن)، ج1، ص 50.

103 - الإدريسي: الجامع (م. ن)، ج1، ص 55.

104 - الإدريسي: الجامع (م. ن)، ج1، ص 60.

105 - الإدريسي: الجامع (م. ن)، ج1، ص 119.

106 - الإدريسي: الجامع (م. ن)، ج1، ص 126.

107 - الإدريسي: الجامع (م. ن)، ج1، ص 169.

108 - الإدريسي: الجامع (م. ن)، ج1، ص 228.

109 - الإدريسي: الجامع (م. ن)، ج1، ص 254.

110 - الإدريسي: الجامع (م. ن)، ج2، ص 106. كذا ورد في الأصل، ولعله تصحيف لكلمة: تيرفاس.

أشكر السيد إبراهيم إيعزا على مساعدته في استخراج هذه المصطلحات من النص المخطوط.

111 - ابن خلدون، عبد الرحمن (ت. 808هـ/ 1406م): المقدمة، تحقيق: علي عبد الواحد وافي (2006)، القاهرة، مكتبة الأسرة، ط2، ج1، ص327.

112 - ابن خلدون: المقدمة (م. ن)، ج1، ص327.

113 - ابن خلدون: المقدمة (م. ن)، ج1، ص327.

114 - يقصد الصاد المشمومة بالزاي، أو الزاي المفخمة، ويرد رسمها في المخطوطات بأشكال مختلفة: رسم الصاد وفي وسطها زاي صغير، كما ذكر، أو في وسط الصاد نقطة، أو في أسفله نقطة...؛ أما في الكتابات المعاصرة فيستعمل هذا الحرف () للدلالة على الصاد المشمومة بالزاي.

115 - يقصد حرف الگاف (گ)، ويسمى بالجيم المصرية، أو الجيم غير المعطشة، أو الكاف الأعجمية، أو الكاف المثلثة... انظر: ابن خلدون: المقدمة (م. ن)، ج1، ص327.

116 - ابن خلدون: المقدمة (م. ن)، ج1، ص328.

117 - ابن خلدون: المقدمة (م. ن)، ج1، ص328.

118 - الوزان، الحسن بن محمد، الملقب بليون الإفريقي (ت. بعد 957هـ/1550م): وصف إفريقيا، ترجمة: محمد حجي ومحمد الأخضر (1983)، بيروت، دار الغرب الإسلامي، ط2، ج1، ص ص. 36-39.

119 - الوزان: وصف إفريقيا (م. ن)، ج1، ص. 39.

120 - الوزان: وصف إفريقيا (م. ن)، ج1، ص. 39.

121 - الوزان: وصف إفريقيا (م. ن)، ج1، ص. 39.

122 - الوزان: وصف إفريقيا (م. ن)، ج1، ص. 41.

123 - يُنظر في هذا الموضوع، مقالا سالم شاكر المشار إليهما سابقاً (في الهامش رقم 71).

Haut de page

Pour citer cet article

Référence papier

Nouhi El Ouafi, « اللغة الأمازيغية بالمغرب الأقصى من خلال مصادر العصر الوسيط »Asinag, 16 | 2021, XXIX-LXII.

Référence électronique

Nouhi El Ouafi, « اللغة الأمازيغية بالمغرب الأقصى من خلال مصادر العصر الوسيط »Asinag [En ligne], 16 | 2021, mis en ligne le 01 février 2023, consulté le 21 janvier 2025. URL : http://0-journals-openedition-org.catalogue.libraries.london.ac.uk/asinag/1778

Haut de page

Auteur

Nouhi El Ouafi

الوافي نوحي

المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية

Haut de page

Droits d’auteur

CC-BY-NC-ND-4.0

Le texte seul est utilisable sous licence CC BY-NC-ND 4.0. Les autres éléments (illustrations, fichiers annexes importés) sont « Tous droits réservés », sauf mention contraire.

Haut de page
Rechercher dans OpenEdition Search

Vous allez être redirigé vers OpenEdition Search